يعني: لو ادعى عليه بمال فأنكره فصالحه على بعضه أو خلاف، ثم ثبت الحق بعد الصلح فإما أن يثبت بإقرار أو ببينة، وبدأ المصنف بالأول وذكر أن للمدعي نقض الصلح؛ لأنه كان كالمجبور عليه، ودل قوله:(فَلَهُ نَقْضُهُ) على أن له إمضاءه، ونص سحنون على ذلك.
لعله نسب المسألة للمدونة ليبين أن المشهور أن له النقض، ووجهه أنه مغلوب كالأول، والقول بأنه ليس له النقض رواه مطرف عن مالك، والفرق بين هذه وبين التي قبلها على هذا أن المدعي عليه في الأول مقر على نفسه بالظلم، وهذا مقيم على الإنكار، وأيضاً فإن المدعي في الثانية مفرط لعدم تثبته.
أي: فإن لم يصرح المدعي العالم بالبينة ففي ذلك قولان مخرجان على القولين فيمن استحلف خصمه وهو عالم بالبينة، ومذهب المدونة في المسألة عدم القبول، [٥٤٠/أ] أما الأولى فقال مالك فيمن ادعى قبل رجل مالاً فأنكره فصالحه على شيء أخذه ثم وجد بينة أو أقر المطلوب: فإن كان الطالب عالماً بالبينة فلا قيام له، وإن كانت له بينة غائبة فخاف موته أو إعدام الغريم إلى قدومهم فلا حجة له بذلك، ولو شاء تربص، وذكر ابن يونس فيها قولين: فقال: وإذا صالح وهو عالم بالبينة قيل: ليس له القيام بها، وقيل: ذلك له.