للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النجوم. وهذا الذي قاله يفتقر إلى التحقيق؛ وذلك أن المتكلمين اختلفوا في الدائرة، هل يحاذي مركزها جميع أجزاء المحيط، أو إنما يحاذي من أجزائه مقدار ما ينطبق عليه ويماسه؟ فذهب النَّظَّامُ من المعتزلة إلى أن المركز يحاذي جميع [٥٠/ب] أجزاء المحيط، واحتج في ذلك بأنك لو قصدت إلى أي جزء من أجزاء المحيط أخرجت منه خطاً يوصل إلى المركز.

ورد عليه ذلك أئمتنا المتكلمون، بأن الخطوط إذا خرجت من المركز إلى المحيط فإنها تضيق عند ابتدائها، وتنفرج عند انقطاعها، وما ذاك إلا أن ما يسامت المركز يفتقر فيه إلى تعويج الخط؛ ليمكن الاتصال. قالوا: لا يحاذي نقطة المركز من أجزاء المحيط إلا ما لو قدر منطبقاً عليها لماسها، فهذه المسألة يجب أن يعتبر فيها ما قاله ابن القصار، فيقال: إن أدرت بمسامتته الكثير مع البعد، أنهم وإن كثروا فكلهم يحاذي بناء الكعبة، فليس كما تذهب، وقد أخبرناك إنكار أئمتنا على النظام، وإن أردت أن الكعبة تقدر بمرائهم ولو كانت بحيث ترى وأن المرائي يتوهم المقابلة والمحاذاة وإن لم يكن كذلك في الحقيقة فهذا نسلمه ونسلم تمثيله لك برؤية الكواكب، وتبقى المسامتة على هذا بالبصر لا بالجسم. وذكر المازري عن أحد أشياخ شيخه أبي الطيب عبد المنعم اختيار المسامتة لا الجهات. انتهى.

والظاهر أن ابن القصار إنما أراد المسامتة بالمعنى الثاني، وبه يندفع ما أورد على القول بالمسامتة من أنه يلزم عليه ألا تصح صلاة الصف الطويل؛ فإن الكعبة طولها خمسة وعشرون ذراعاً، وعرضها عشرون ذراعاً، والإجماع على خلافه.

وكان ابن عبد السلام شيخ ابن دقيق العيد يستشكل هذا الخلاف؛ لأن محل الخلاف إنما هو فيمن بعد عن الكعبة، وأما القريب ففرضه السمت اتفاقاً، والذي بعد لا يقول أحد أن الله تعالى أوجب عليه استقبال عين القبلة ومقابلتها ومعاينتها؛ فإن ذلك تكليف ما لا يطاق؛ ولأنه كان يلزم عدم صحة صلاة الصف الطويل، بل الواجب عليه أن يبذل

<<  <  ج: ص:  >  >>