يعني: فلو أفلس المحال عليه أو جحد الحق بعد تمام الحوالة فالمصيبة على المحال، ولا رجوع له على المحيل لحصول البراءة، إلا أن يكون المحيل عالماً بإفلاس المحال عليه دونه؛ أي دون المحال، فللمحال حينئذٍ الرجوع على المحيل؛ لأنه غرَّه.
وقوله:(يعلم دونه) هو ظاهر إذا كان المحال عليه ظاهر الملاء، وأما لو شكل المحال في ملائه، وكان المحيل عالماً بالإفلاس.
المازري: الأظهر عندي أن يكون له الرجوع كالأول، ومسألة الفلس صحيحة في المدونة وغيرها، وقيدها المغيرة فقال: إلا أن يشترط المحال الرجوع على المحيل إذا فلس المحال عليه، فيمكن من شرطه، وأما مسألة الجحود فتبع المصنف فيها ابن شاس، وذكر المازري أنه لا يعلم لمالك فيها نصاً، لكنه أشار في تعليل المذهب إلى مثل ما قاله المصنف؛ لأنه قال: وما يشير إليه من أن الحوالة كالقبض يصحح أن الجحود لا يوجب الرجوع على المحيل، وكذلك قال بعض أشياخه: إن الجحود لا يوجب الرجوع على المحيل؛ لأن المحال فرط إذ لم يشهد وعلى هذا عوَّل ابن شاس والمصنف، والله أعلم.
وتردد التونسي في هذه المسألة، واختار عدم الرجوع إذا كانت الحوالة على حاضر مقر بالدين، والرجوع إذا كان غائباً، فقال: انظر لو أحاله ثم أنكر المحال عليه أن يكون عليه دين هل يكون ذلك عيباً في الحوالة لقول المحال: لو علمت أنه ليس عليه بينة ما قبلت الحوالة. أو يقال: أنت مفرط حين أحالك عليه، وهو حاضر مقر ولم تشهد عليه، وهذا هو الأظهر، ولكن لو لم يحضر فقبل الحوالة، فلما حضر أنكر لا ينبغي أن يكون للمحال في ذلك حجة.