وينبغي أن يكون ما بَعْدَ الدَّفْعّةِ الأولى- على رأي مَن يقول بالنجاسة لمجرى البول - طاهرًا؛ لأن ما عدا الماء مِن المائعات قد يُزيل عينَ النجاسةِ ويُبقي حكمَها، ثم على مذهب الجمهور لا يَنْجُسُ ما لاقى محلَّ النجاسةِ، وإليه أشارَ ابنُ عبدِ السلام، وسيأتي لذلك مزيد بيان إن شاء الله تعالى.
أي: أن اللبن ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قسمٌ لا خلاف في طهارته، وهو لبنُ مباحِ الأكلِ، وجنسِ الآدميِّ امرأة كان أو رجلاً إذا دَرَّ، ولعل المصنف إنما قال:(الآدَمِيُّ) ولم يقل الآدمية ليندرج الذَّكَرُ في كلامِه.
الثاني: لا خلافَ في نجاسته وهو لبنُ الخنزيرة، واختُلف فيما عدا ذلك كالسباعِ والأُتنِ، والكلابِ على ثلاثة أقوال:
الأول: طهارةُ الجميعِ، لأنه قد استَحَال إلى صلاحٍ.
الثاني: تبَعِيَّةُ اللبنِ لِلَّحْمِ، لأنه ناشئٌ عنه، فما حَرُم لحمُه فلبنُه نجسٌ، وما كُره لحمُه فلبنُه مكروهٌ، وهو ظاهرُ المذهب، قاله عياضٌ وغيره.
الثالث: أنه أخفُّ مِن اللحم، فيُقال بكراهة لبن المحرَّم، والظاهر أنه يقول بالإباحة من مكروه اللحم.
ونَقْلُ المصنفِ موافقٌ لِنَقْلِ ابنِ شاسٍ، وحكى ابنُ بَشير والقاضي عياض عن المذهبِ ثلاثةَ أقوالٍ في لبن ما لا يؤكل لحمه سوى الخنزير، الطهارةَ والنجاسةَ والكراهةَ. والضميرُ في (غَيْرِهِمَا) عائد على القسمين: أحدُهما: الآدمنيُّ والمباحُ الأكلِ، والثاني: الخنزيرُ، وفي بعض النسخ (غيرهم) فيَعُودُ على الثلاثةِ.