الوكيل فيهما. وإن لم يعلم الدافع بذلك؛ علم الوكيل أو لم يعلم أنه يبرأ فيهما إذا دفع ولم يعلم بموت موكله أو عزله، ولا فرق بين أن يعلم الوكيل ذلك أم لا. والثالث: أنه يبرأ إذا دفع إليه ولم يعلم هو والوكيل، ولا يبرأ إن علم الدافع بالموت والعزل، ويتحصل في المسألة خمسة أقوال. والمصنف لم يتعرض لشيء من ذلك، فلذلك تركناها نحن أيضاً، والخلاف مبني في هذه المسألة على الخلاف في الفسخ من حين الوصول أو البلوغ، واختار جماعة القول بأنه لا ينعزل فيهما استصحاباً للحال، وإلا أدى إلى الشك في إنكاحه ومعاملته، وقياساً على أهل قباء، وأجيب عن القياس بأن المكلف إذا أمر بالتوجه إلى بيت المقدس حرم الإحرام لغيره وهو مضطر إلى الفعل فعذر، بخلاف تصرف الوكيل فإنه من المباحات، والله اعلم.
قال بعض الشافعية: وتنفسخ الوكالة بطروء الجنون على الوكيل والموكل؛ لأن الوكالة من [٥٦٢/أ] العقود الجائزة فوجب أن تنفسخ بالجنون لطروئه على عقد غير لازم.
المازري: وفيه تفصيل عندي، فإن طرأ على الوكيل ثم عاد عليه عقله ثم أراد إبقاء على التصرف فإنه يمكن من ذلك إذا كان الموكل حاضراً أو لم يعزله، وإن كان غائباً ولم يعلم بجنونه فإن ذلك لا يمنعه من التصرف؛ لأن الموكل أذن له في التصرف مع جواز القواطع، وإن كان طروء الجنون على الموكل؛ فالأظهر أنه يمكن من التصرف كوديعة أودعها، لكن لو طال زمان جنونه طولاً يفتقر معه إلى نظر السلطان في ماله، فإنه مما ينظر فيه. وذكر خلافاً بين الحنفية في ردة الوكيل هل توجب عزله؟ قال: والأظهر عندي أنه لا ينعزل بذلك؛ إذ الحجر عليه إنما يكون لحق المسلمين في المال، إلا أن يعلم بمقتضى العادة أن الموكل لا يرضى بتصرفه في ماله إذا ارتد فيكون ذلك مما يوجب منعه من التصرف.