لما ذكر العزل وأفهم كلامه أن للموكل العزل بشرط ألا يتعلق بالوكالة حق الغير، وظاهره أن مجرد الشروع مجب لعدم العزل، وقاله اللخمي وابن شاس، وزاد: إلا أن يخاف من غريمه استطالة بسبب ذلك.
وفي المقدمات: ليس له أن يعزله إذا قاعد خصمه المرتين والثلاث إلا من عذر. هذا هو المشهور في المذهب، ووقع لأصبغ في الواضحة ما يدل على أن له أن يعزله ما لم يشرف على تمام الخصام، وفي المحل الذي لا يكون للموكل عزله عن الخصام لا يكون له هو أن ينحل عن الوكالة إذا قبل الوكالة. انتهى. وإن أراد السفر بعد الثلاث مجالس حلف ما قصد السفر ليوكل، فإن نكل لم يكن له أن يوكل، نعم له بأن يعزله، وإن كانت وكالته بأجرة، أو قاعد الخسم ثلاث مرات إذا تبين منه تفريط، أو يقوم عليه دليل تهمة بينه وبين من وكل عليه.
فرع: واختلف إذا وكله على بيع سلعة أو شرائها أو سمى له شخصاً معيناً، هل له أن يعزله كما لو أطلق، أو لا؟ على قولين.
المازري - وعدها الأشياخ من مشكلات المسائل - قال: والأصح عندي في ذلك إن عين المشتري وسمى له الثمن وقال: شاورني، فهذا موضع الإشكال والاضطراب، هل له غرض في عين المشتري، أم لا؟ واختلف إذا وكله أن يملك زوجته أمرها، هل للموكل أن يعزله؟ فرأى اللخمي وعبد الحميد أنه ليس له ذلك، قالوا: بخلاف أن يوكله على أن يطلق زوجته فإن فيه قولين. ورأى غيرهم أنه يختلف في عزله كالطلاق. واستشكل المازري الطريقة الأولى بأنه لا منفعة للوكيل في هذه الوكالة، فكان الأولى أن يكون له عزله، إلا أن يقال: لما جعل له تمليك زوجته صار كالملتزم لذلك التزاماً لا يصح له الرجوع.