قال في البيان: وقول ابن القاسم أظهر؛ لأن الجاعل لما أراد بقوله: من جاء بعبده فله عشرة، تحريض من سمع قوله فلا تجب إلا لمن سمع، واستحسن اللخمي قول ابن حبيب إذا قال: علمت على الجعل ولم أتطوع، إلا أنه قال: كان له الأقل من جعل مثله أو ما جعل له سيده.
وقال المازري: إن قال في ملأ من الناس: من جاء به فله عشرة، فأتى به من لم يسمع وهو ممن يطلب الإباق فله جعل مثله، وإن كان ممن لا يطلب الإباق فههنا قولان: قال ابن القاسم: يدخل في الخطاب لسماعه، وقال ابن حبيب: لا يدخل إذا كان ممن لا يطلب الإباق. انتهى باختصاره.
قوله:"وقال بعض الشيوخ" لعله اللخمي فإنه قال: من جاء به من ذلك شأنه، وقال: لم أعلم تلك التسمية لأن لي طلب مثل ذلك من غير قول السيد، وإنما أفادني قول سيده المعرفة أن قد ذهب له عبد حلف على ذلك وكان له جعل مثله إذا كان أكثر من المسمى.
وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ
يعني: وعلى المجعول له نفقة الآبق والشارد في مدة الإتيان به إلى سيده، وهذا قول ابن القاسم في العتبية. وفي الموازية: ووجهه أن الجعل إنما هو على أن يأتيه به ويوصله إليه فلا يلزم الجاعل عن الجعل.
ابن عبد السلام: وفيه نظر؛ لأن العوض جزء من المعوض وذلك بيع مقترن بالجعالة، إلا أن يقال: إن ذلك من ضروريات هذا العقد، ولا يتصور الانفكاك عنه إلا أن يجعل سلفاً من المجعول له يؤديه عنه الجاعل إلى أن يصل إلى سيده الجعل يرد به إلى قاضي الموضع لينظر لسيده بما رآه من سجنه أو بيعه ويحكم له بجعله، فإن لم يفعله وأرسله بعد أن أخذه ضمن؛ لأنه أتلفه عليه.