لما تكلم على ما إذا أتى به بعد التزام رب الجعل تكلم على ما إذا أتى به قبل التزام رب الجعل. وقوله:(فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ) يريد إذا كان ربه ممن لا يتولى ذلك بنفسه كما تقدم وكان لربه تركه؛ لأن أجرته قد تزيد على قيمة ربه فلو تكلف دفع الأجرة هنا لتضرر بذلك، وسقطت الأجرة إذا لم تكن عادته طلب الإباق؛ لأن الغالب ممن يفعل ذلك الاحتساب بالله تعالى.
وخرَّج بعضهم فيها خلافاً من الخلاف المتقدم في الإجارة إذا كان ربه لا يتولى ذلك بنفسه، وإنما يستأجر عليه، ولم يحكموا بالاحتساب بالنفقة؛ لأن النفوس لا تخف عليها النفقة بخلاف من المنافع.
فإن قيل: فما الفرق بين النفقة هنا وبين النفقة على اللقيط فإنهم قالوا: لا يرجع بها إذا ظهر له أب؟
قيل: لأن اللقيط لما كان حراً ولا يعلم له أب فالمنفق عليه لا يدخل على العوض غالباً، وأما الآبق فهو مملوك وسيده مليء ولو لم يكن إلا به. وقال ابن الماجشون فيمن ليس شأنه: لا شيء له؛ لا نفقة ولا أجرة.
بعد أن وجده يعني قبل أن يقبضه الجاعل فالجعل على الجاعل؛ لأنه هو الذي أدخله في العمل.
ابن القاسم في العتبية والموازية: ولا شيء به على المستحق. وقال ابن المواز: الجعل على الجاعل ويرجع على المستحق بالأقل من ذلك أو من جعل مثله، قال: وقاله من أرضى.