وقوله:(يَنْفَرِدَانِ) هو القول الأول أن يكون لكل واحد نصف جعله؛ فلصاحب الدينار نصفه ولصاحب الدينارين دينار، وهذا قول ابن نافع ونقله ابن المواز عن ابن عبد الحكم واختاره هو واللخمي وغيرهما.
(وَيَشْتَرِكَانِ) هو القول الثاني؛ أي في أكثر الجعلين وهما الديناران فيكونان بينهما أثلاثاً لصاحب الدينار ثلثهما ولصاحب الدينارين ثلثاهما، وهو قول ابن القاسم في المدونة ورأى أن الجاعل قد رضي بدفع أكثر الجعلين.
قال في النكت: ولو جعل لأحدهما عشرة وللآخر عرضاً فأتيا به معاً، فعلى قول ابن نافع: لهذا نصف عشرة ولهذا نصف عرض، وعلى قول ابن القاسم يقدم العرض فإن سمى خمسة فلصاحب العشرة ثلثاها ويخير الآخر بين أن يأخذ ثلث العشرة أو يأخذ ما يقابل ذلك من العرض وهو ثلثا ذلك العرض من الذي جعل له.
قوله:(كَعَمَلِ الإِجَارَةِ) أي: فيشترط فيه الشروط المتقدمة في الإجارة، واستثنى المصنف كونه معلوماً فلا يشترط هنا، وعلل ذلك بأن مسافة رد الآبق والضالة غير معلومة.
وأورد ابن عبد السلام أن ظاهر كلامه أن المعلومية لا تشترط في جميع أنواع الجعالة وليس كذلك، فإن مذهب المدونة أنه لا يجوز الجعل في حفر بئر إلا أن تختبرا معاً الآخر، وأجيب بأن حفر البئر قد ذكر المؤلف في آخر الباب أنه متردد بين الجعل والإجارة وبين شروطه هناك.