ذكر هذا؛ لأن ما يشترط في الإجارة من كون المنفعة غير واجبة شرط في الجعالة، وهكذا قال ابن حبيب: من وجد آبقاً أو ضالاً أو ثياباً فلا يجوز أخذ الجعل على رده ولا على أن يدله على مكانه، بل ذلك واجب عليه، وعلى هذا فقوله:(لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ) يرد إلى جميع ما تقدم؛ أي لوجوب ما ذكر عليه. ويحتمل أن يكون مشيراً إلى الأكثر فقط، ويكون علة منع أخذ الجعل على الأول عدم تقدم المنفعة، وعلى هذا الأخير اقتصر ابن عبد السلام.
قال المازري: وإن أتى رجل إلى ربه عرف موضع الآبق فقال: اعطني دينار وأنا أطلبه لك وأنا أخبرك مكانه، فإن كان ممن لا يطلب ذلك فلا شيء له باتفاق، وإن كان ممن يطلبهم فقولان: قيل: له الذي سمى، وقيل: لا شيء له، وأوجب عليه أن يخبره به وأن يصدقه عليه إن وجده ويأتيه به، فلا يجوز أخذ الأجرة على ذلك. والصواب لا شيء له إلا أن يكون سافر أن يخبره لذلك لا لشغل غيره، فيكون له أجرة تعبه بقدره وهذا معنى كلامه.
وَمِنْ شَرْطِهِ: أَنْ لا يُقَدَّرَ بِزَمَانٍ وَإِلا فَهُوَ إِجَارَةٌ
الضمائر كلها عائدة على العمل. قال في المدونة: ولا يكون مؤجلاً، ألا ترى أن من قال: بع لي هذا الثوب ولك درهم أنه جائز وقت له في ذلك وقتاً أم لا وهو جعل، فإن قال: اليوم، لم يصح إلا أن يشترط أن يترك متى شاء؛ لأنه إن مضى يوم ولم يبعه ذهب عمله باطلاً، وإن باع في نصفه أخذ الجعل كاملاً ويسقط عنه بقية عمل اليوم فهذا خطر، والجعل لا يكون مؤجلاً إلا أن يكون إذا شاء أن يرده. وقد قال في مثل هذا جائز وهو