ذكره المصنف في القسمين ثلاثة أقوال، ومعنى يباع ما فضل عنه من البور والعفا يعني أن له أن يمنعه من الفحوص إن احتاج إليه وإلا فلا منع له.
وقوله (قَالا: إِلا أَنْ يَكْتَنِفَهُ زَرْعُهُ) هكذا نقل عنهما في النوادر لأنه نقل عنهما أنهما قالا إلا أن يكون عليه في وصول الناس بدوابهم مضرة مثل فدان فيه خصب وحواليه خصب وحواليه الزرع فله منعهم للضرر. قوله:(وَسُئِلَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ) هو القول الثاني والسائل له هو ابن حبيب (فَسَوَّى بَيْنَهُمَا) أي: في القسمين أي بين البور والمروج، فقال: له أن يمنع إن احتاج ويبيع إن لم يحتج إلا ما فضل عنه من العفا وهو ما لا يحرث فليس له منعه. وقال في البيان: باتفاق.
وقوله:(وَسَوَّى أَشْهَبُ فِي مَنْعِ كِلاهُمَا وَبَيْعِهِ) أن يبيع إذا احتاج إليه ولا يبيعه إلا أن يجزه ويحمله ويبيعه هو من نسخة أشهب، ورأيت أن أذكر كلامه في البيان ليتبين لك ما ذكرته ولما فيه من الفوائد وإن كان فيه طول، قال: لا يخلو الكلأ أن يكون في أرض غير مملوكة كالبوادي والفيافي فلا خلاف أن الناس كلهم فيه سواء ليس لأحدهم أن يمنعه، لما في الصحيح:"لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ".
واختلف إن سبق أحدهم إليه فنزله فجعل يرعى ما حوله أو حفر بئراً، هل يكون أحق بقدر حاجته من كلأ ذلك الموضع دون الفضل؟ فقيل ليس هو أحق الناس معه أسوة، وهو نص ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة. وقال أشهب: هو أحق وإن لم يحفر بئراً فرآه أحق بالسبق، ومعناه إذا انتجع إليه وقصده من بعد وأما إذا مر به فلا يكون أحق بمجرد سبقه أولاً. وأول بعضهم قول أشهب على أنه أحق؛ لأن ذريعته لذلك الجنان إحياء، فيكون أحق بما يحدث فيه من الكلأ مرة أخرى وفي المسألة قول ثالث أنه لا يكون أحق بمجرد النزول إلا أن يحفر بئراً وهو ظاهر قول المغيرة وأعدل الأقوال وأولاها بالصواب، لأنه لا يقدر على المقام على الماء إذا لم يكن له في ذلك الموضع مرعى