فتذهب نفقته في البئر باطلاً، وكذلك لو سبق بالنزول وبنى فيه بنياناً أوجب على قياس هذا أن يكون أحق بقدر حاجته لئلا يذهب نفقته باطلاً، وقد قال عليه السلام:"لا ضرر ولا ضرار".
وأما إن كان في أرض مملوكة فهو على أربعة أقسام: أحدها أن تكون محظرة قد حظر عليها بالحيطان كالجنان والحوائط، والثاني أن تكون غير محظورة إلا أنه حماه من وجه التي قد بورها للمرعى وترك زراعتها من أجل ذلك، والثالث فدادينه وفحوص أرضه التي لم يبورها للمرعى وإنما ترك زراعتها لاستغنائه [٦٣٥/أ] عن زراعتها وليحبسها للحرث، والرابع العفا والمرج من أرض قريبة فالمحظرة أن ما فيها لصاحبه له أن يبيعه ويمنعه احتاج إليه أو لم يحتج وليس لأحد الدخول عليه إلا بإذنه، وأما العفاء والمرج من أرض قريبة فلا خلاف أنه ليس له أن يبيعه ولم يمنع عما فضل عن حاجته منه إلا أن يكون عليه في تخلص الناس بدوابهم ضرر من زرع يكون له حواليه فيفسد عليه بالإقبال والإدبار، وأما الأرض التي بورها للمرعى ويترك الانتفاع بزرعها مدة لأجل ذلك، فقيل: له أن يمنع إن احتاج إليها ويبيع إن لم يحتج إليه ممن يرعاه أو يحصده وهو مذهب ابن القاسم، فإن لم يحتج إليه ولا وجد من يبيعه منه جبر على أن يخلي بين الناس وبينه ولا يباح له أن يمنع الناس ويترك حتى يبس ويفسد، وقيل: له أن يمنع الناس إن احتاج إليه وليس له أن يبيع وهو قول أشهب، وأما فحوص أرضه وفدادينه التي لم يبورها للمرعى فقال ابن القاسم وأشهب: له أن يمنع إن احتاج وليس له أن يمنع إن لم يحتج إليه، فأشهب رأى أنه ليس له أن يبيع مراعي أرضه كان قد بورها للكلأ أو لم يبورها لذلك، وابن القاسم يفرق بين إجازة البيع إذا استغنى عنه وبين الأرض التي بورها للمرعى وبين الأرض التي لم يبورها للمرعى فتحصل في مجموع الطريقتين ثلاثة أقوال، وفي كل طرف منها على انفرادها قولان.