وقوله:(وَيَقْضِي فِي الأَجَلِ) هو مفرع على عدم إجباره، وبقي الرهن في يد المرتهن فإنه إذا حل الأجل والواهب موسر قضى الدين وأخذ الموهوب له الرهن، ثم ما ذكره المصنف إنما هو كله إذا كان المرتهن قد قبض الرهن، وأما إن لم يكن قبضه وقبضه الموهوب له فقال ابن المواز: هو أحق به من المرتهن إذا كان الواهب موسراً ولا يعجل للمرتهن حقه؛ لأنه فرط في حيازته، وإن كان معسراً فالمرتهن أولى به إلا أن يكون وهبه لثواب، وإن وهبه ثم مات قبل أن يحوزه واحد منهما فإن كان موسراً جازت الهبة وكان أحق به من المرتهن وحكم للمرتهن بتعجيل حقه، وإن أعسر بعد ذلك أتبعه بحقه.
يعني: وسواء كان الدين أو غيره؛ لأن الدين عام. فإن قيل: قوله: (وَقَبْضُهُ كَقَبْضِهِ فِي الرَّهْنِ ... إلخ) يدل على أنه لم يرد ذلك إلا إذا كان على غير المديان، قيل: تخصيص الضمير لا يقتضي تخصيص الظاهر على الصحيح، وقد سمع إعلام المديان زيادة بيان؛ لأن قوله:(كَقَبْضِ الرَّهْنِ) يغني عنه، ألا ترى أنه قال في كتاب الرهن:(وَقَبْضُ الدَّيْنِ بِالإِشْهَادِ وَالْجَمْعِ بَيْنَ الْغَرِيمَيْنِ إِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ) ثم إن إعلام المديان إنما هو مع حضوره، وأما إن كان غائباً ففي المدونة: ويصح القبض إذا أشهد وقبض ذكر الحق، وهكذا تقبض الديون.
ولم يتعرض المصنف لدفع الوثيقة. وفي المدونة في الهبة: وإن كان دينه على غيرك بوهبه لك فإن أشهد وجمع بينك وبين غريمه ودفع إليك ذكر الحق وأحالك عليه كان ذلك قبضاً. وحمله صاحب النكت على ظاهره من أنه إذا لم يدفع ذكر الحق لا تتم الهبة بموت الواهب كالدار المغلقة إذا لم يعطه مفتاحها حتى مات الواهب أنه لا يصلح للموهوب له شيء، وإن أشهد له وجعل دفع الوثيقة في وثائق ابن العطار من شروط الكمال.