وظاهر قول المصنف:(مَعَ إِعْلامِ الْمِدْيَانِ بِالْهِبَةِ) وقوله في المدونة: "وجمع بينه وبين غريمه" أن ذلك شرط ويجب أن يجعل ذلك على أنه شرط كمال؛ لأنه قد حكى في البيان في الجزء الثاني من الصدقات الاتفاق على عدم اشتراطه، فقال: ولا خلاف في أن الذي عليه الحق حائز لمن تصدق عليه به إن لم يعلم المتصدق عليه غائباً أو حاضراً.
الثَّالِثُ الْوَاهِبُ: مَنْ لَهُ التَّبَرُّعُ
أي الركن الثالث: الواهب. قوله:(مَنْ لَهُ التَّبَرُّعُ) وهي إخراج المال من غير عوض؛ أي من لم يحجر عليه، وقد تقدم بيان المحجور عليهم في باب الحجر.
وَتَصِحُّ هِبَةُ الْمَرِيضِ مِنْ ثُلُثِهِ
ظاهر.
وَشَرْطُ اسْتِقْرَارِهَا لا لُزُومِهَا الْحَوْزُ كَالصَّدَقَةِ
هذا هو المعروف أن الهبة والصدقة يلزمان بالقول ولا يتمان إلا بالقبض.
قوله:(كَالصَّدَقَةِ) تشبيه لإفادة الحكم، وروي عن مالك أنها تلزم بالقول وللواهب الرجوع فيها، وإنما تلزم بالقبض. وحكى أبو تمام أن الصدقة والحبس يتمان بالقول ولا يُفْتَقر إلى حيازة.
وعلى الأول فقال ابن القاسم: يقضى عليه بإخراج الصدقة مطلقاً.
قال أشهب: لا يجبر على إخراجها إلا إذا كانت الصدقة على معين يلي خصومته، ودليل اللزوم بمجرد القول أن هذا عقد هبة حصل بالإيجاب ولاقبول والإشارة يحتمل عودها على قوله:(وَشَرْطُ اسْتِقْرَارِهَا) ويحتمل أن تعود إلى قوله: (إِلا فِي صَدَقَةِ أَبٍ) وكلاهما صحيح على قول ابن القاسم وأشهب في افتقار الهبة إلى القبول وعدمه، فلم يكن