له رده قياساً على البيع ولقوله أو جواباً لعقده، ولما في الصحيح:"العائد في هبته كالكلب يعومد في قيئه"، فشبه الراجع بالكلب والمرجوع عنه بالقيء، وذلك غاية التنفير المقتضي للمنع.
هذا الاستثناء من شرط [٦٤٣/أ] الاستقرار؛ أي إلا في صدقة أب على صغير فلا يشترط في استقرار صدقته أو هبته الحوز؛ ولو قال: إلا في عطيته ليشمل الهبة وغيرها لكان أحسن، وتخصيصه الصغير والأب ليس بظاهر؛ لأنَّ السَّفيه في هذا كالصَّغير والوصي ومقدم القاضي سيان كالأب، إلا أن يقال: إنما خصصهما؛ لأنه محل الدليل أعني موافقة علماء المدينة، فمن ذلك قول عثمان:"من نحل ولداً له صغيراً لم يبلغ أن يحوز نحلته فأعلن ذلك وأشهد عليه فهي حيازة".
وفي الواضحة نحوه عن الخلفاء الأربعة وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم.
ابن عبد السلام وغيره: واستثناؤه يوهم أن الحيازة تسقط في عطية الأب ابنه الصغير وليس كذلك، وإنما الذي اختص به الأب ومن يتنزل منزلته في حقّ الصَّغير والسَّفيه أن يكون حائزاً لما وهب لهما، فيقال في الإشهاد: رفع يد الملك ووضع يد الحوز، وألحقوا الأب بالأجنبي في سكناه وما يلبسه فشرطوا معاينة الشهود للدار خالية من شواغل الأب ولحوز الملبوس.
ونقل أبو محمد صالح الاتفاق على أنه إذا أشهد الأب على هبته لولده ولم يزيدوا على قوله: اشهدوا أني وهبت له كذا- فهي حيازة، وهذا فيما يعرف بعينه من الأصول والعروض، واختلف فيما لا يعرف بعينه كالذهب والفضة واللؤلؤ والمكيلات والموزونات؛ فروى ابن القاسم عن مالك وبه أخذ المصريون وغيرهم: أنه لا يتم الحوز ولو ختم عليه