أي: وفي تأثيرِ قليلِ النجاسةِ وعدمِ التأثير كالماءِ، وعلى التأثيرِ فرِّقَ بينه وبين الماء؛ لأن الماء َ له مزية التطهير للغير.
الباجي: والْمَشْهُورِ التأثيرُ، وكلامُ ابنِ رشد في البيان يدل على عدم الخلاف، لأنه قال: لم يقل أحد بأن يسير النجاسة لا يُنجس الطعام الكثير إلا داود. وقد رُوي عن سليمان بن سالم الكندي من أصحاب سحنون أنه كان يقول: إذا وقعت القملة في الدقيق ولم تخرج في الغربال- لم يؤكل الخبز، وإن ماتت في شيءٍ جامدٍ طرحت كالفأرة. وكذلك قال غيره في البرغوث، وفرق بعضهم بينهما.
وبالحملة فالخلافُ هنا على ما تقدم، وهو هل ينجسان بالموت أم لا؟ واستشكل في البيان تنجيس العجين إذا كان كثيرًا. قال: لأن القملة لا تنماع في جملة العجين، وإنما تختص بموضعها منه، فلا ينبغي أن يحرم الكثير منه، كمن يعلم أن له أختًا ببلدٍ من البُلدان لا يعلم عينَها، فإنه لا يَحْرُمُ أن يتزوج من نساء تلك البلدة بخلاف اختلاطها بعددٍ يسيرٍ.
قال شيخُنا- رحمه الله تعالى: ولو فرق بين ما يَعسر الاحتراز منه- كروث الفأر- فيعفى عنه، وبين ما لا يعسر الاحتراز منه كبول ابن آدم فلا يُعفى عنه فينجسُ- لما بعد. ويفهم من قوله:(قَليلِ) أن النجاسة لو كانت كثيرةً أفسدت وإن كان الطعام كثيرًا.