"أكل الربا" وزاد علي رضي الله عنه: "السرقة وشرب الخمر" ومنهم من سلك طريقة الحصر بالضوابط، ففي الإكمال عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: كل ما نهي عنه فهو كبيرة. وسئل: أهي سبع؟ فقال: إلى السبعين أقرب، ويروى إلى سبعمائة أقرب. وقال أيضاً:"الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب" ونحوه عن الحسن، وقيل: هي ما أوعد الله عليه بنار أو بحد في الدنيا، وقال ابن مسعود وجماعة رضي الله عنهم: هي جميع ما نهى الله عنه من أول سورة النساء إلى قوله: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ)[النساء: ٣١] وقيل: ما عظمت مفسدته فهو كبيرة وما لم تعظم فهو صغيرة، وقيل: كل ما أسقط العدالة فهو كبيرة. وفيه نظر؛ لأنه يؤدي إلى الدور؛ إذ سقوط الشهادة فرع عن كونها كبيرة، ثم إن العدالة قد تسقط بصغائر الخسة، وقال ابن عبد السلام: قال الشافعي: إذا أردت معرفة الفرق بين الصغائر والكبائر فاعرض مفسدة الذنب على مفاسد الكبائر المنصوص عليها فإن نقصت عن أقل مفاسد الكبائر فهو من الصغائر، وإن ساوت أدنى مفاسد الكبائر أو أربت عليها فهو من الكبائر. وعد من الكبائر شتم الرب والرسول، والاستهانة بالرسل، أو تكذيب واحد منهم، وتلطيخ الكعبة بالعذرة، وإلقاء المصحف في القاذورات فهذا من أكبر الكبائر، ولم يصرح الشرع بأنه كبيرة.
ابن دقيق العيد: وهذا الذي قاله عندي داخل فيما نص الشرع عليه بالكفر، قال: ولابد مع هذا من أمرين:
أحدهما: أن المفسدة لا توجد مجردة عما يقترن بها من أمر آخر فإنه قد يقع الغلط في ذلك، ألا ترى أن السابق إلى الذهن أن مفسدة الخمر السكر وتشويش العقل، فإن أخذنا هذا بمجرده لزم منه ألا يكون شرب القطرة الواحدة كبيرة؛ لخلائها عن تلك المفسدة، ومع ذلك فإنها كبيرة؛ لما اقترن بها من مفسدة التجرؤ على شرب الكثير الموقع في تلك المفسدة، فبسبب هذا الاقتران تصير كبيرة.