الأمر الثاني: أنا إذا سلكنا هذا المسلك فقد تكون مفسدة بعض الصغائر مساوياً لبعض الكبائر وزائداً عليها، فإن من أمسك امرأة محصنة لمن يزني بها، أو مسلماً معصوماً لمن يقتله فهو كبيرة وأعظم مفسدة من أكل الربا وأكل مال اليتيم مع كونهما منصوصاً عليهما في الكبائر، وكذلك لو دل على [٦٦٤/ أ] عورة من عورات المسلمني تفضي إلى قتلهم وسبي ذراريهم وأخذ أموالهم كان ذلك أعظم من فراره من الزحف، وفراره من الزحف منصوص على أنه كبيرة.
خليل: وهذا الثاني مندرج في كلام ابن عبد السلام؛ فتأمله.
وقيد المصنف في أصوله الصغائر بصغائر الخسة، وكذلك قال الأبهري: إن العدل: المتوقي لأكثر الصغائر.
قوله:(وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ) وهو مندرج في الكبائر باعتبار ضده، وهو الخيانة؛ لأن الشارع قد نص عليها فكان الأولى تركها، وأجاب ابن عبد السلام: بأن الكبائر من قبيل ما هو مطلوب الترك، وأداء الأمانة من قبيل ما هو مطلوب الفعل؛ فلا يدخل أحدهما تحت الآخر، ورد بأن الكبائر تعم الأفعال والترك، ولو كانت خاصة بمطلوب الترك لزمه أن يذكر جميع الأفعال التي يكون تركها كبيرة كالصلاة والزكاة ونحوهما.
قوله:(وَحُسْنِ الْمُعَامَلَةِ) ابن عبد السلام: هو شرط في العدالة؛ لأن الإنصاف من نفسه في ما عليها والاقتصار على مالها من لوازمه.
والضمير في قوله:(لَيْسَ مَعَهَا بِدْعَةُ) عائد على العدالة. انتهى.