ويحتمل عوده على المحافظة واحترز بذلك مما لو كان حافظاً لدينه لكن يصحبه مع ذلك بدعة من الاعتزال ونحو ذلك، وعلل ذلك بأن البدعة فسق، ومن يقول بالتكفير فالمنع على قوله واضح.
ابن شعبان: ولا تقبل شهادة المبتدع وإن لم يدع إلى بدعته، وزاد الأبهري في شروط الشاهد: أن يكون متوسط الحال بين البغض والمحبة.
ابن محرز: يريد: لأن الفرض في المحبة يقوي تهمة من شهد له كالآباء والأزواج، والفرض في البغض كالعدو والخصم يقوي تهمته، وترك المصنف هذا اكتفاءً بما سيذكره في الموانع.
لما ذكر أن البدعة تمنع من قبول الشهادة بين هنا أنه لا فرق في البدعة بين أن يكون صاحبها متعمداً أو جاهلاً أو متأولاً، ومثل الجاهل والمتأول بالقدري والخارجي ويحتمل أن يكون القدري مثالاً للجاهل؛ لأن أكثر شبههم عقلية والخطأ فيها يسمى جهلاً، والخارجي مثالاً للمتأول؛ لأن شبههم سمعية فالخطأ فيها يسمى تأويلاً، ويحتمل أن يريد بالجاهل المقلد من الفريقين، والمتأول: المجتهد منهما.
هكذا في الجواهر لأنه قال: قال علماؤنا: وليست العدالة أن يمحض الرجل الطاعة حتى لا تشوبها معصية، وذلك متعذر لا يقدر عليه إلا الأولياء والصديقون، ولكن من كانت الطاعة أكثر حاله وأغلبها عليه وهو مجتنب للكبائر محافظ على ترك الصغائر فهو العدل. وهذا الكلام مخصص لقوله أولاً:(وَتَوَقِّي الصَّغَائِرِ) وعلى هذا فالمراد: لا يشترط انتفاء جميع الصغائر، وإلا فالكبائر لابد من اجتنابها كلها، ويدل على ذلك قوله:(فَإِنَّهُ مُتَعَذِّرُ) لأن تجنب الكبائر لا يتعذر.