المازري: واختلف المذهب عندنا في التجريح بترك صلاة الجمعة؛ فقيل: لا يجرح به؛ لأن الأعذار القاطعة قد تخفى على الناس فتوكل إلى أمانة الناس، إلا أن يتحقق أنه تركها لغير عذر. وقيل: بل يجرح؛ لأن الظاهر أن تركها معصية، والأعذار نادرة حتى تثبت، ثم حكى الخلاف على هذا القول هل يجرح بالمرة أو لابد من ثلاث؟ انتهى.
وعزى الباجي القول بالمرة لأصبغ، ووجهه القياس على سائر الفرائض، قال: وهو ظاهر رواية عيسى عن ابن القاسم. والقول بأن العدالة لا تسقط إلا بتركها ثلاثاً لسحنون ورواه مطرف عن مالك، قال: وأما إن تركها جملة فعدالته ساقطة.
هكذا وقع في [٦٦٤/ ب] التهذيب في باب السرقة، إلا الكذب ففي باب الشهادة: والشربة: جمع شارب، وكذلك الأكلة، وفي معنى الشرب هنا بيع الخمر وعصرها، ولا يشترط أكله الربا، بل يكفي بيعه به وشراءه.
(أَوْ مَعْرُوفُونَ بِالْكَذِبِ فِي غَيْرِ شَيْءٍ) الظاهر أن قوله: (مَعْرُوفُونَ) يغني عن قوله: (فِي غَيْرِ شَيْءٍ) ولهذا لم يذكر في المدونة إلا قوله: (فِي غَيْرِ شَيْءٍ) ومقتضى كلامهم أنه لا يجرح بالكذبة الواحدة، وهو الذي في الرسالة لقوله:"أو مجرب في كذب".
فإن قلت: ينبغي أن تكفي الكذبة الواحدة؛ لأن الكذب كبيرة فلا تشترط الكثرة قياساً على الشرب وغيره. قيل: لعل الفرق أن التحرز منه عسير إلا على من وفقه الله، والله أعلم.
والقينة- عند الفقهاء-: الأمة المغنية، وصرح الجوهري بأنها الأمة مطلقاً، سواء كان مغنية أم لا، قال: وبعض الناس ظنها المغنية خاصة وليس كذلك.