للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم الغناء إن كان بغير آلة فهو مكروه عندنا، نقله المازري وغيره، وإذا كان مكروهاً فلا يقدح في الشهادة بالمرة الواحدة بل لابد من تكراره، وكذلك نص عليه ابن عبد الحكم؛ لأنه حينئذ يكون قادحاً في المروءة، وفي المدونة: ترد شهادة المغني والمغنية، والنائح والنائحة إذا عرفوا بذلك.

المازري: وأما الغناء بآلة فإن كانت ذات أوتار كالعود والطنبور فممنوع، وكذلك المزمار، والظاهر عند بعض العلماء أن ذلك ملحق بالمحرمات، وإن كان محمد أطلق في سماع العود أنه مكروه، وقد يريد بذلك التحريم، ونص ابن عبد الحكم على أن سماع العود ترد به الشهادة إلا أن يكون ذلك في عرس أو صنيع وليس معه شراء يسكر فإنه لا يمنع من قبول الشهادة، قال: وإن كان ذلك مكروهاً على كل حال. وقد يريد بالكراهة التحريم كما قدمنا.

وقوله: (أَوْ مُجَّانُ) جمع ماجن. الجوهري: والمجون ألا يبالي الإنسان ما صنع، وقد مجن بالفتح يمجن مجوناً ومجانة فهو ماجن، والجمع مجان.

وقوله: (مُجَّانُ يَلْعَبُونَ بِالنَّرْدِ) أحسن منه ما في المدونة: أو مجان، أو أنهم يلعبون بالنرد؛ لأن مجرد المجانة قادحة، وفي مسلم أنه عليه السلام قال: "من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه".

ابن عبد السلام: وأما الشطرنج فقد جاءت فيه أحاديث غير صحيحة تتضمن ذمه، وقد اختلف العلماء في إباحته ابتداءً إذا كان لعبه من غير قمار؛ فمذهب مالك أنه ممنوع فتارة يعبر عن ذلك بالكراهة، وتارة يقول: هو شر من النرد، وهو نص على التحريم. انتهى.

خليل: وقد يقال: في هذا نظر؛ لأن ما ذكره عن مالك من قوله: "هي ألهي من النرد" هو له في المدونة، مع أنه نص فيها على أنه لا يجرح إلا بالإدمان، ولو كان حراماً ما اشترط الإدمان، ولعل مالكاً إنما قال: "هي ألهى" لأنها تفتقر إلى حساب وفكرة بخلاف النرد، لا أنها مثلها في الحرمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>