وفي الجواهر النص على الكراهة في الشطرنج، وفي إجرائه على ظاهره أو التحريم خلاف، ثم قال: وقيل: الإدمان عليه حرام؛ وقيل: إن لعبت على وجه يقدح في المروءة كالمحترم يلعبها على الطريق ومع الأطراف والأوباش فلا يحل ذلك، وإن لعبت في الخلوة مع الأمثال والنظراء من غير إدمان ولا في حالة تلهي فيه عن العبادات والمهمات الدينية والدنيوية فهي مباحة، وعلى هذا فلا شك أن النرد أشد من الشطرنج؛ لعدم الاختلاف فيه. هذا هو الذي يؤخذ من كلام الأصحاب، وقال المازري: حكم النرد في ظاهر المذهب كحكم الشطرنج، قال: وهو المعروف، وأشار محمد بن عبد الحكم إلى مخالفة حكمهما فقال: إن الشطرنج لا يوجب رد الشهادة إلا إذا ترك اللاعب بها الصلاة في الجماعة، وأما النرد فإنه لا يلعب به في زماننا إلا أهل السفه وتاركوا المروءة. انتهى.
قوله:(وَمَا يُشْبِهُهُ) أي: من سائر اللعب المؤذن بترك المروءة.
اشتراط الإدمان لمالك في أول شهادات المدونة، وذلك للخلاف في إباحتها ابتداء فقد روي عن جماعة من التابعين أنهم كانوا يلعبون بها، وذكر الشافعي أن سعيد بن جبير كان يلعب بها استظهاراً؛ أي: من غير نظر فيه وإنما يأمر غيره بما يفعل، ولم يقيد اللعب به في المدونة في كتاب السرقة والرجم بالإدمان، واختلف هل هو خلاف لما في الشهادات أو هو مقيد به؟
فعلى الخلاف يكون القولان في المدونة، ونقل ابن يونس وغيره مقابل الأًح عن بعضهم أنه لا تجوز شهادته، وإن لم يكن مدمناً، وقال ابن عبد الحكم: لا ترد به الشهادة إلا أن يكثر اللعب بها حتى يشغله عن الصلاة في الجماعة.