للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن لم يصل إلى ما وصل إليه جرح الجاني، وهو معنى قوله: (وَقَفَ دُونَهُ) أي: جرح الجاني وقف دون ما سري إليه جرح المجني عليه، وأخذ المجني عليه أرش الزائد.

وَيُؤَخِّرُ الْعَقْلُ فِي الْخَطَأِ أَيْضاً، فَإنْ بَرِئَ عَلَى عَثَمٍ فَحُكُومَةٌ، وَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ عَثَمٍ فَلا شَيْءَ فِيهِ، وَفِيمَا لا يُسْتَطَاعُ فِيهِ الْقَوَدُ ...

وتؤخر الدية، وهو معنى قوله: (الْعَقْلُ) إلى البرء، وإلى ذلك أشار بقوله: (أَيْضاً) لأنه قد يتول الأمر إلى النفس أو يصير إلى ما تحمله العاقلة، فإن برئ على شين فعلى الجاني حكومة، وسيأتي تفسيرها، وإن برئ على غير شين فلا شيء فيه؛ أي: لا عقل ولا أدب، أما نفي الأدب فلأنه لم يتعهد، وأما نفي العقل؛ لأنه غير مقدر فيه شيء، وكل ما ليس بمقدر فإنما فيه بحسب الشين، والفرض انتفاؤه، وسيتكلم المصنف على ما فيه عقل مسمى.

وقوله: (وَفِيمَا لا يُسْتَطَاعُ) هو معطوف على قوله: (فِي الْخَطَأِ) أي: يؤخر العقل في الجرح الذي لا يستطاع فيه القود إذا كان عمداً، ككسر عظام الصدر والعنق والصلب، فإن برئ على غير شين فلا عقل فيه، وعليه هنا الأدب لكونه عمدا، وإن برئ على شين فحكومة.

وَفِي تَأَخِيرِ الْمُقَدِّرِ وَنَحْوِ الْجَائِفَةِ وَالْمَامُومَةِ قَوْلانِ لابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَيَُخَّرُ الْمُقَدَّرُ فِيهِ وَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ عَثَمٍ اتِّفَاقاً ...

أي: وفي تأخير عقل الجرح المقدر فيه شيء نحو الجائفة والمأمومة وعدم تأخيره إلى أن يبرأ، فحذف معطوفاً، وغاية التأخر لابن القاسم، وعلله في المجموعة بأنه قد يجب على العاقلة دية نفس بقسامة، ونفي التأخير لأشهب؛ لأنه لما كان في هذا عقل مسمى لم يكن للتأخير فائدة، ألا ترى أنه لو برئ على غير شين لكان ذلك القدر فيه بالاتفاق كما صرح به المصنف، وأطلق المصنف قول أشهب، وقيده أشهب بأن يبلغ الثلث؛ لأن عقل الموضحة والمنقلة لا يعجل عنده، ولا يقال: إنه مثَّل بما بلغ الثلث؛ لأن المثال لا يختص.

<<  <  ج: ص:  >  >>