وروى عن جابر أيضاً: أن رجلاً طعن رجلاً بقرن في ركبته فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستقيد، فقيل له: حتى تبرأ، فأبى وعجل واستقاد، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فعنتت رجله وبرأت رجل المستقاد منه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له:"ليس لك شيء إنك أبيت". وهذا أشبه عندهم من الأولين.
وظاهر قوله:(حَتَّى يَبْرَأَ) أنه ينتظر البرء ولو زاد على السنة، وهو مذهب المدونة. وقال أشهب: ليس بعد السنة انتظار، لكن قيده عياض بالخطأ، فقال: يريد في الخطأ، ويعقل الجرح بحالها عند تمامها ويطالب بما زاد بعد، وظاهر كلامه أيضاً أنه إذا برئ قبل السنة اقتص منه وهو قول الأكثر، وذهب ابن شاس إلى أنه لابد من الاستيناء سنة لتتم عليه الفصول الأربعة مخافة أن يقتص.
أي: فإن أفضى الجرح إلى النفس قتل الجاني بعد القسامة إن شاء الأولياء القتل، ولهم أن يبقوا على حقهم في الجرح والقطع لاندراجهما في النفس، إلا أن يقصد بهما المثلة ولا يسقطان. وعلى هذا فقوله:(إِلا عِنْدَ قَصْدِ الْمُثْلَةِ) استثناء متصل. وقول ابن عبد السلام: أنه منفصل، وأنه لو حمل على الاتصال إلى أن يفعل في الجاني أكثر مما فعل بمجرد قصده ليس بظاهر؛ لأن المستثنى قصد المثلة بالقطع والجرح لا مجرد القطع، والله أعلم.
أي: فإن ترامى دون النفس قطع أو جرح إلى زيادة النفس، أو لم يترام اقتص من الجاني قدر ما جرح الجاني، مثل جرح المجني عليه أو زاد على جرح المجني عليه وأن يموت الجاني، فقد استوفى المجني عليه حقه من القصاص، ولا شيء للجاني في الزائد