هذا معطوف على الحر المتقدم؛ أي: لا طلب لهؤلاء لمن يعتبر عفوه عن غير الأولياء وإن كان وارثاً، وهذا استفيد مما قدمه المصنف بقوله:(وَلا تَدْخُلُ بِنْتٌ عَلَى ابْنٍ وَلا أُخْتٌ عَلَى أَخٍ مِثْلِهَا) وهو ظاهر المذهب وبه قال ابن القاسم وأشهب. وروى أشهب عن مالك أيضاً: إن عفا الذكور كلهم فحق أخواتهم في الدية باقٍ.
ابن المواز: وبالقول الأول قال من أدركنا من أصحاب مالك، ثم إن الأول مقيد بأن يعفو كل من له العفو في فور واحد، وأما لو عفا بعض من له ذلك ثم بلغ من بقي وعفا؛ فلا يضر ذلك من معهما من أخت وزوجة، لأنه مال ثبت بعفو الأول، قاله محمد.
كما لو كانوا ثلاثة بنين فعفا أحدهم؛ فإنه يسقط نصيبه ويكون لمن لم يعفُ نصيبه من دية عمد، فإن كان مفلساً صح، إلا أن يعفو بعد أن تعين المال باتفاقهما؛ أي: ولو كان العافي مفلساً صح العفو، وهو واضح على قول ابن القاسم الذي لا يرى للولي إلا القصاص، وكذلك نص أشهب ورأى أن قدرة الولي على تملك هذا المال لا تصيره ملكاً له.
وقوله:(إِلا أَنْ يَعْفُوَ) ظاهره أسقط مالاً بعد وجوبه. الضمير في (اتِّفَاقِهِمَا) يعود على الولي والجاني.
يعني: فإن عفا الولي بعد عفو الأول فللثاني حصته من دية عمد، وسواء كان عفو الأول على مال أو لا، وكان بعد عفو الأول عاد نصيب الثاني مالاً، وإن كان مفلساً لا يصح عفوه.