لما تكلم على العفو باعتبار ما يتعلق به من سقوط الدية وعدم سقوطها، شرع فيما يتعلق به من سقوط القود وعدمه، ثم إن المستحق تارة يكون جميعهم رجالاً، وتارة يكون جميعهم نساءً، وتارة يجتمعان، وتكلم المصنف على الثلاثة، فقال:(إِنْ كَانَ الْجَمِيعُ رِجَالاً سَقَطَ الْقَوَدُ) وظاهره سواء كانوا أولاداً أو إخوة أو غيرهم كالأعمام والموالين ولا خلاف في الأولاد والإخوة، وأما الأعمام ونحوهم فما ذكره المصنف هو لمالك وابن القاسم. وروى أشهب عن مالك في الموازية: عدم السقوط، وأن لمن بقي أن يقتل، وإن ثبت الدم بقسامة ونكل أحدهم؛ أقيم مكانه رجل من العشيرة,
ابن رشد: وإذا عفا أحد الأولياء عن الدم بعد ثبوته بالبينة أو بالقسامة أو أكذب نفسه بعد القسامة، فثلاثة أقوال؛ أولها لابن الماجشون: الدم والدية يبطلان. ثانيها: أن لمن لم يعفُ ولا أكذب نفسه حظه من الدية. والثالث: إن عفا كان لمن بقي حقه، وإن أكذب نفسه لم يكن لمن بقي شيء من الدية، وإن كانوا قد قبضوها ردوها، وهو مذهب ابن القاسم في المدونة وغيرها. قال: ويأتي في بطلان الدية بعفو أحد الأولياء من الدم ثلاثة أقوال؛ أحدها: أنها تبطل ولا شيء لمن بقي، وهو قول ابن الماجشون. [٧٠٧/ب] الثاني: أن لمن بقي حظه من الدية بغير قسامة إن كان العفو بعد ثبوت الدم، أو بقاسمة إن كان العفو قبلها. والثالث: تفرقة ابن القاسم بين أن يكون العفو قبل ثبوت الدم أو بعده، وساوى ابن القاسم بين العفو والنكول عن اليمين قبل القسامة، وفرق بعد القاسمة بين أن يعفو أحد الأولياء أو يكذب نفسه، فجعل تكذيب نفسه بعد القسامة كعفوه عن الدم قبل القسامة، لا شيء لمن بقي من الدية.