هذه الصورة الثانية. قال في المدونة: وإن لم يترك إلا بنته أو أخته، فالابنة أولى بالقتل وبالعفو، وهذا إذا مات مكانه، وقال أيضاً فيها فيمن أسلم من أهل الذمة، أو رجل لا تعرف عصابته فقتل عمداً أو مات مكانه، وترك بنات: فلهن أن يقتلن، فإن عفا بعضهن وطلب بعضهن القتل، نظر في ذلك السلطان بالاجتهاد إذا كان ذلك عدلاً، فإن رأى العفو أو القتل أمضاه، وهذا الكلام هو الذي اختصره المصنف، والكلام الأول أولى بالذكر؛ لأن النساء فيه يحزن الميراث، فتتم المقابلة بسببه بين هذه المسألة والتي قبلها.
أبو عمران في مسألة المصنف: وإنما كان للإمام في ذلك؛ إذ هو بمنزلة العصبة، لأنه يرث لبيت المال ما بقي. قيل لأبي عمران: أرأيت إن لم يكن إمام عدل كوقتنا هذا، فقال: الذي يتبين لي ألا سبيل له في القتل إلا أن يكون فيه جماعة عدول مجتمعون وينظرون، فإن رأوا القتل قتلوا وينوبون مناب السلطان.
هذه هي الصورة الثالثة، وهي إنما تتصور إذا كانت النساء أقرب؛ لأنه قدم أنه لا كلام لهن مع المساوي. وقوله:(لَمْ يَسْقُطْ) أي: القود إلا باجتماعهما على العفو أو بعضهما؛ أي: بعض هذا الصنف وبعض هذا الصنف، وأحرى إذا اجتمع جميع صنف مع بعض الآخر.
وقوله:(إِلا) أي: وإن لم يكن ما تقدم، بل عفا أحد الصنفين وأراد الصنف الآخر القتل، وهذا مذهب المدونة؛ أن العفو لا يتم إلابهما أو ببعضهما، وأن القول قول من أراد القتل منهما جميعاً، وهو إذا ثبت الدم بقسامة. وروي عن مالك: أن القول قول العصبة في