يعني: لو عفا المجروح عن جرحه أو صالح عليه بمال ثم مات المجروح، خير أولياء المجروح في إمضاء العفو والمصالحة، وفي نقض ذلك ويرجعون إلى حقهم في النفس في العمد والدية في الخطأ بعد قسامتهم، وإن نقضوا ذلك رجع الجاني فيما دفع للمجروح إن كان دفع إليه شيئاً. قوله:(قَالَ أَشْهَبُ ... إلخ) ظاهره أن المذهب: يخيرون ولو قال ذلك، وأشهب يقول: ليس لهم خيرة إذا قال ذلك.
ابن عبد السلام: اختلف شارحو المدونة هل يجوز الصلح عند ابن القاسم على هذه الزيادة التي ذكرها أشهب أولا؟ واعلم أن الصلح إما أن يقع بدون هذه الزيادة أو بها، فإن وقع بدونها في العمد والخطأ فثلاثة أقوال: أولها: التخيير كما قال المصنف. ثانيها: ليس لهم التمسك بذلك الصلح في العمد والخطأ إلا برضا القاتل؛ لأن من حقه في العمد أن يقول [٧٠٨/أ]: عادت الجناية نفساً فليس لكم إلا القسامة والقود، وكذلك يقول في الخطأ: الدية وجبت على العاقلة، وهو قول أشهب. والثالث لابن القاسم: الفرق، فيخيرون في العمد ولا يختارون في الخطأ، وهو ظاهر المدونة عند صاحب البيان.
وأما الصلح على الزيادة المذكورة، فإن كان في جراح الخطأ والتي دون النفس كالموضحة؛ فلا خلاف أن الصلح فيها على هذه الزيادة لا يجوز، لأنه إن مات كانت الدية على العاقلة، فهو لا يدري يوم صالح ما يجب عليه، وهي خطأ، ففي البيان: يتخرج على قولين؛ أحدهما: لا يجوز، وهو قول ابن القاسم في العتبية، وظاهر ما في الواضحة. والثاني: أنه جائز؛ إذ لا غرر فيه، لان دية الجراح إنما تجب على العاقلة كنفس، فإنه صالح عنها.