وأما جراح العمد فيما فيه القصاص والمصالحة فيه جائزة، على ظاهر المدونة ونص عليه ابن حبيب في الواضحة، خلاف ما نص عليه ابن القاسم في العتبية من المنع. وأما جراح العمد التي ليس فيها القصاص؛ فلا يجوز فيه الصلح على الموت، حكى ذلك ابن حبيب في الواضحة. قال في البيان: ولا أعرف فيه نص خلاف، وأما الصلح فيه على الجرح وحده دون الموت؛ فأجازه ابن حبيب فيما لهدية مسماة كالمأمومة والمنقلة والجائفة، وقال أيضاً: لايجوز فيه بعينه على ما يترامى إليه من زيادة، ولم يجز فيما الدية فيه مسماة إلا بعد البرء.
أي: لو صالح الجاني. وما ذكره ظاهر على قول ابن القاسم؛ لأن الواجب إنما هو القصاص؛ إذ لا مانع، وأما على قول أشهب فيحتمل أن يقال فيه بالمنع إذا صالح على مال أكثر لا يلزم من فسخ الدين في الدين، لكن شرط أن يضم إلى هذا اعتبار قاعدة: من خير بين شيئين يعد منتقلاً، وقد يقال: إن دية العمد لم تتقرر، وهذا هوا لذي نص عليه أشهب، فقد أجاز في الواضحة الصلح على ذهب أو رق أو عرض مثل الدية أو أكثر منها إلى أجل نقداً.
لأن الواجب في الخطأ مال. وقوله:(بَيْعُ الدَّيْنِ بالدَّيْنِ) إنما يظهر إذا كان المصالح الجاني. وأما إن صالحت العاقلة؛ فهو فسخ الدين ي الدين. ثم قوله:(اعْتُبِرَ بَيْعُ الدَّيْنِ بالدَّيْنِ) فيه قصور؛ لأنه يقتضي الجواز في النقد مطلقاً، الورق عن الذهب وبالعكس؛ لأنه صرف مستأخر، وهو ظاهر.