خليل: والظاهر أن مراده إذا اسودت جميعاً ثم انقلعت؛ لأن ما ذكره ابن عبد السلام يؤخذ من قوله:(وَفِي بَعْضَهَا بحِسَابهِ) فإن قلت: يرد على الثاني أيضاً عدم الفائدة أنه إذا وجب العقل بأحدهما، وأحرى إذا اجتمعا، قيل: لعله نص على ذلك لينبه على عدم تعدد الدية، ألا ترى أنها لو اسودت ثم قلعت بعد حين أن فيها دية أخرى كما سيأتي.
وَفِي بَعْضِهَا مِنْهَا بحِسَابِه مِنْ لَحْمِهَا لا من أَصْلِهَا
أي: من السواد والقلع، شمل ثلاث صور: إذا انقطع بعضها، وإذا اسود بعضها، وإذا انقطع بعضها واسود البعض الآخر.
إن قلت: هو لم يحكم في المدونة بشيء، بل قال:(إِنْ كَانَ) فكيف يقول المصنف: (وَالْمَشْهُورُ خِلافُهُ)؟ قيل: المعنى: فالمشهور أنه ولو قيل: إن الاحمرار والاصفرار كالسواد لا يتم عقلها، وفي كلام المصنف نظر، أما أولاً فلأن المشهور عندهم مذهب المدونة، وأما ثانياً فلأن المذهب يحكم بالعرف، ولعل المصنف اعتمد في تفسيره على اقتصار ابن شاس عليه؛ فإنه قال: إن اخضرت أو اصفرت ففيهاعقلها بنسبة ما بعدها من البياض وقربها من السواد.
وما حكاه المصنف عن المدونة هو ظاهر نص الأم؛ فإن فيها: قلت: فإن ضربه رجل فاسودت منه أو احمرت أو اصفرت أو اخضرت، ما قول مالك في ذلك؟ قال: ما سمعت من مالك إلا إذا اسودت فإن عقلها قد تم، ولا أدري ما الخضرة والصفرة والحمرة، إن كان ذلك مثل السواد فقد تم العقل، وإلا فعلى حساب ما نقصن فظاهره أن الإشارة بذلك على الثلاثة، وفهم البراذعي أن الإشارة عائدة إلى الخضرة فقط، وفيه بعد.