أما الأولى: وهي اختلافهما في المقدار. كما لو قال السيد: بألف، وقال المكاتب: بل تسعمائة. وقال ابن القاسم في المدونة: القول قول المكاتب إن كان قوله يشبه؛ لأن المكاتب فوت، كما لو اشترى عبداً فكاتبه ثم اختلفا في الثمن أن المبتاع مصدق، وشبه ذلك بما رجع إليه مالك إذا اختلف البائع والمبتاع أنهما يتحالفان ما لم تفت السلعة في يد المشتري، فيكون القول قوله. وقال أشهب: ما ذكر عنه المصنف القول قول السيد.
محمد: وحجته أن يقول للمكاتب: أنت مملوكي، فلا تخرج الكتابة إلا بما أقر لك به. واعلم أن أشهب إنما قال هنا: القول قول السيد، فقال اللخمي: الرواية ناقصة. وإنما معنى ذلك أن يحلف السيد، ثم يقال للعبد: ترضى بما عليه السيد وإلا فاحلف وتفسخ الكتابة، كما في البيع سواء.
المازري: وقد لا يحتاج إلى هذا التأويل، ويكون أِهب رأى أن القول قول السيد مطلقاً، بناء على القول أن للسيد أن يجبر عبده على الكتابة؛ لأن السيد يقول: لا فائدة في يمين العبد، لأنه بعد أن يحلف تفسخ الكتابة؛ أجبره عليها بذلك.
وخرج اللخمي على قول أشهب: تفسخ الكتابة. اشتراط السيد وطء مكاتبته أو على أن ولدها له ما لم يؤدِّ نجماً، أنهما هنا يتحالفان ويتفاسخان ما لم يؤدِّ نجماً، فإن أداه تحالفاً ورجع إلى كتابة المثل ما لم يكن أكثر مما ادعاه السيد فلا يزاد، أو أقل مما قاله المشتري، وكل هذا إذا أتيا جميعاً بما يشبه، وإن أتى أحدهما [٧٦٤/أ] بما لا يشبه؛ فالقول قول الآخر مع يمينه، سواء اختلفا قبل أداء نجم أو بعده.
وفي تخريج اللخمي نظر؛ لأن شرط الكتابة لا يحل اتفاقاً، وإنما رأى من ال ببطلان الكتابة أنها فاسدة، فكانت كالبيع الفاسد، بخلاف اختلاف السيد ومكاتبه، فإن ذلك لا يوجب فساداً كاختلاف المتبايعين.