فلا يدخل الموصى لهم فيا لم يعلم به، بخلاف الكفارات والزكوات؛ لأن قصده فيهن براءة الذمة.
قوله:(وَلا فِيمَا أَقَرَّ بهِ) أي: ولا دخول للوصايا فيما أقر به الموصي لغيره وهو يظن أن إقراره عامل، وحكم الشرع بإلغائه، كما لو أقر بدين لمن يتهم عليه، أو أقر أنه كان أعتقه في صحته أو تصدق به.
وبالغ بقوله:(وَلَوْ فِي مَرَضِهِ) لأنه إذا لم يعد فيالمرض الذي يتوهم فيه الرد، فأولى إذا كان في الصحة لكن رد لسبب.
وقوله:(أَوْ أَوْصَى بهِ) أي: ولا مدخل للوصايا فيما أوصى به للوارث ولو رَدَّ الوارث- الموصى له-الوصية؛ لاعتقاد الميت أن الموصى به ليس من ماله، بخلاف المدبر في المرض فإنه يدخل فيما لم يعلم به، وفيما أقر به ورد، وفيما أوصى به لوارث ورد، وهو أحد القولين. لكن الذي ثبت عليه ابن القاسم أنه لا يدخل المدبر في المرض فيما لم يعلم به. وهذان القولان أيضاً في المبتل في المرض.
عياض: والذي حَمَلَ عليه المدونة محققو الشيوخ أنهما لا يدخلان فيما لم يعلم. وحُكِيَ في المقدمات ثالثاً بدخول المدبر في المرض فيما لم يعلم دون المبتل، وهو بعيد. وعكسه أظهر.
أما مدبر الصحة فالذي رجع إليه مالك وثبت عليه أنه يدخل فيما علم به وما لم يعلم. ويستفاد من كلامه دخول المدبر في الصحة من باب أولى وأحرى؛ لأنه إذا دخل المدبر في المرض فيما لم يعلم به، فأحرى مدبر الصحة.
والفرق على ظاهر المذهب بين المدبر في المرض في كونه لا يدخل فيما لم يعلم به، بخلاف المدبر في الصحة-أن الصحيح قصد عتقه من مجهول؛ إذ قد يكون بين تدبره ومته السنون الكثيرةن بخلاف المريض فإنه يتوقع الموت من مرضه وهو عالم بماله، فإنما يقصد أن تجري أفعاله فيما علمه.