أما لو صح المريض ثم مات فهو كالمدبر في الصحة. وصداق المنكوحة في المرض كالمدبر في الصحة.
وحيث حكمنا للمدبر بدخوله فيما لم يعلم به الميت فاختلف: هل يدخل فيما علم به الميت وما لم يعلم به دخولاً واحداً، أو يبدأ بما علم به؟ فإن بقيت من المدبر بقية لم يسعها ثلث ما علم به تممت من ثلث ما لم يعلم به. وتظهر ثمرة هذين القولين عند ضيق الثلث عن الوصايا.
وما تقدم من حَمْلِ قوله:(بخِلافِ الْمُدَبَّرِ) على ما ذكرناه هو حَمْلِ ابن عبد السلام وغيره.
خليل: والأقرب أن يحمل على أن المدبر في المرض تدخل الوصايا فيه إذا بطل بعضه، ويدل على ذلك قوله (وَمَا يَرْجَعُ إِلَيْهِ مِنْ تَعْمِيرٍ وَحَبْسٍ). وهذا الذي يؤخذ من كلامه في الجواهر؛ لأنه قال في كتاب محمد- وفي المجموعة نحوه-: قال مالك وأصحابه: لا تدخل وصايا الميت لا في ثلث ما علم به من ماله، ولا تدخل في كل ما بطل فيه إقراره في المرض لوارث، وما أقر به في مرضه أنه كان أعتقه في صحته أو تصدق به أو أوصى به لوارث فرده الورثة.
وأما ما كان يعلمه مثل المدبر في المرض، وكل دار ترجع بعد موته من تعمير أو حبس فهو من ناحية التعمير- فالوصايا تدخل فيه؛ فيرجع فيه ما ينقص من وصيته ولو بعد عشرين سنة، وكذلك ما رجع بعد موته نم عبد آبق أو بعير شارد، وإن كان أيس منه.
وأما إن اشتهر عنده وعند الناس غرق السفينة وموت عبده، ثم ظهرت سلامة ذلك بعد موته فروى أشهب فيه عن مالك قولين: فمرة قال: لاتدخل فيه الوصايا. ومرة قال: تدخل، وقد ينعى إليه العبد وهو يرجوه.