قال اللخمي: وأربعةٌ لهم الإمامةُ; الأميرُ، والأبُ، والعمُّ، وصاحبُ المنزل، فإذا اجتمع أبٌ وابنٌ فالإمامةُ للأبِ، وكذلك العمُّ وابنُ الأخِ الإمامةُ للعمِّ. قال مالك في المستخرجة: ولو كان العمُّ أصغر فهو أحقُّ بالإمامة، إلا أن يَاذَنَ الأبُ والعمُّ. قال سحنون: وذلك إذا كان العم في العلم والفضل مثلَ ابنِ الأخ، وعلى هذا يكون الابنُ أولى مِن الأب إن كان عالماً أو صالحاً والأب ليس كذلك. انتهى. قال المازري: وقد لا يلزم ما ألزمه اللخمي لسحنون لكون الأب آكد حرمة.
(ثُمَّ الأَفْقَهُ) لأن الفقه مما تظهر له ثمرة في الصلاة؛ ولأن الفقهاء كالأمراء المصدور عن رأيهم.
(ثُمَّ الأَوْرَعُ عَلَى الأَظْهَرِ) في الدليل وقيل: يقدم الأورع عل الأفقه؛ لأن الشفاعة في حقه أظهرُ، والأئمةُ شفعاء.
قال ابن بشر: فإن اجتمع الأفقهُ والأصلحُ فلم أر في المذهب نصاً، وللشافعية قولان.
(ثُم الأَقْرَأُ)، فإن قلت: قوله صلى الله عليه وسلم في مسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه: "يَؤُمَّ القومَ أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواة فأعلمُهم بالسُّنَّةِ، فإن كانوا في السُّنة سواءٌ فأقدمُهم في الهجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمُهم في الإسلام، ولا يُؤَمُّ الرجلُ في سلطانه، ولا يُجلس على تَكْرِمَتِه إلا بإِذْنِه". واللفظُ لمسلمٍ يَدُلُّ على تقديمِ الأقرأ على مَن تقدَّم. فالجوابُ أنَّ القارئَ في ذلك الزمانِ هو الفقيهُ؛ لأنهم كانوا يتعلمون الأحكامَ مع الحفظ، والله أعلم.
وقوله:(ثُمَّ بِالسِّنِّ فِي الإِسْلامِ) أي: ولا يُعتبر كِبَرُ السن إذا لم يكن في الإسلام، (ثُمَّ بِالنَّسَبِ) لما في الحديث: (قَدِّمُوا قُرَيشاً ولا تقدموها) ولأن النَّسب شرفٌ.