وعلى القضاء مُطلقاً يَأتي بركعةٍ بأم القرآن وسورةٍ ولا يجلس، ثم بأخرى بأم القرآن وسورة ويجلس، ثم بثالثة بأم القرآن فقط ويجلس؛ لأنها آخر صلاته.
وعلى الثالث: يأتي بركعة بأم القرآن وسورةٍ ويجلس؛ لأنها ثانية بنائه ثم يأتي بأخرى بأم القرآن وسورة؛ لأنه يقضي الأقوال، ثم بركعة بأم القرآن فقط. والطريقة التي نسبها المصنف للأكثر هي لابن أبي زيد وعبدِ الحميد، وقال بها جُلُّ المتأخرين، واختارها المازري، ورَدَّ طريقةَ اللخميِّ بأنَّ القولَ الذي حكاه أنه قاضٍ في الأفعال غيرُ موجود؛ فقد قال الشيخ أبو محمد: لا خلاف بين مالك وأصحابه أن القاضي إنما يَفترق مِن الباني في القراءة فقط، لا في قيام أو جلوس، وهكذا قال ابن حارث: اتفقوا على أنه قاضٍ في القراءة بانٍ في القيام والقعود. ثم قال المازري: فإِنْ قيل: إذا صححتم طريقَ مَن قال: إنَّ المَذهبَ لا يَختلف في القيام والقعود، فَعَلامَ تحملون الخلافَ عن مالك؟ فقد رُوي عنه أنَّ ما أدركَ المسبوقُ هو أولُ صلاته، وروي عنه أنه آخرها. قال القاضي أبو محمد في إشرافه: وهو المشهور.
قيل: المشهور من مذهب الأشياخ أنه يحمل على حالين: فما رُوي عنه أن المُدْرَكَ هو أول الصلاة فحَمْلُه على اعتبارِ القيامِ والقعودِ على حكم نفسه. وما روي عنه أنه آخرُها محمولٌ على اعتبار القراءة على ما قرأ الإمام. انتهى.
وحاصلُ الطريقة الثانية أنه اتُّفِقَ على أنه بانٍ في الأفعال، واختلف هل هو بان في الأقوال أو قاضٍ؟
قوله:(وعَلَلَّهُ ... إلخ) أي: واختار اللخمي أنه بانٍ مطلقاً، ولكن تلافيه القراءة على نحو ما كان الإمام قرأ زيادةٌ في مقدار القراءة، وذلك لا يَضُرُّ، وهو ضعيف؛ إذ الزيادةُ في القراءة غيرُ مغتفرةٍ، ألا ترى أنَّ مَن جهر في صلاة سِرِّيَّة يَسجد بعد السلام.