واستغنى المصنف عن ذكر الصورتين اللتين شبهه بهما عبد الحق بقوله:(كَالرَّافِعِ قَبْلَ إِمَامِهِ غَلَطاً)؛ لأن قوله:(الرَّافِعِ قَبْلَ إِمَامِهِ غَلَطاً) يشملهما.
واعلم أن في التشبيه بالصورة الأولى نظر؛ لأنهم في مسألة الاستخلاف اقتدوا بمن عزل عن الإمامة، وذلك أشد ممن رفع قبل الإمام غلطاً. ولا يقال في التشبيه بالصورة الثانية أيضاً نظر، فإن المنصوص فيمن صلى برجل يظنه منفرداً فتبين أنه مؤتم أن صلاته فاسدة، لأنَّا نقول إنما فسدت فيمن اقتدى برجل ثم تبين له أنه مأموم؛ لكونه دخل الصلاة بنية فاسدة، لكونه نوى الاقتداء بمن لا يصح الاقتداء به، بخلاف من رفع برفع بعض المأمومين، يظن هذا الرافع أنه الإمام، فإن نيته التي دخل بها الصلاة صحيحة، وإنما رفعوا قبل إمامهم غلطاً كما قررناه. ومقابل الأصح ليس بمنصوص، وإنما خرجه ابن بشير على القول بأن الحركة إلى الأركان مقصودة، والله أعلم.
يعني: فإن تقدم غير من استخلفه [٧٩/ب] الإمام صحت صلاتهم على المنصوص؛ وهذا رواه ابن سحنون عن أبيه. قال الباجي: ووجهه أن المستخلف لا يكون إماماً إلا بعد أخذه في الإمامة. ومقابل المنصوص حكاه صاحب النكت عن بعض شيوخه أن بنفس الاستخلاف يصير المستخلف إماماً، وإن لم يعمل بهم عملاً حتى لو أحدث عامداً لأبطل عليهم. قال: وليس كالذي يستخلف سكراناً، أو مجنوناً هذا لا يبطل عليهم حتى يعمل عملاً يتبعونه فيه؛ لأن هذا ليس ممن يؤتم به، فلا يضرهم استخلافه حتى يعمل عملاً يُأتم به.