وقوله:(أَوْ يَتَكَلَّمُ) ليس هو على التخيير، بل هو على للتفصيل؛ أي: أو يتكلم في مانع كالحدث، والأفضل عدم الكلام. صرح بذلك الباجي وغيره، قال: ويضع يده على أنفه في خروجه ليرى أن ما أصابه رعاف. قال ابن القاسم: وإن قال يا فلان تقدم لم يضرهم، وقد أفسد على نفسه في الرعاف خاصة.
فإن قيل: لِمَ لَمْ تبطل عليهم أيضاً للارتباط؟ قيل: لأنه إنما أفسد على نفسه بعد خروجه من الإمامة.
فَإِنْ كَانَ بَعِيداً فَلا يَنْتَقِلُ
أي: إن كان المستخلف بعيداً عن محل الإمامة لم ينتقل، وأكمل بهم الصلاة في موضعه؛ لأن المشي الكثير مفسد للصلاة. وإن كان موضعه قريباً تقدم إلى موضع الإمام لتحصيل الرتبة إذ لا مانع؛ ولهذا استحب مالك للإمام أن يستخلف من الصف الذي يليه.
المازري: ويكون تقدمه على الهيئة التي صادفه الاستخلاف عليها؛ فيتقدم الراكع راكعاً، والجالس جالساً، والقائم قائماً.
يعني: إذا طرأ عليه العذر وهو راكع أو ساجد استخلف حينئذ، فيرفع بهم من استخلفه الإمام. والقول الثاني حكاه الباجي عن ابن القاسم، وجعل قوله:(وَلا يُكَبِّرُ) من قول يحيى بن عمر؛ أي: لئلا يرفعوا برفعه.
يعني: فإن رفع الإمام الأول قبل أن يستخلف فاقتدى المأمومون به لم تبطل صلاتهم على الأصح. قال عبد الحق: كمن ظن أن الإمام رفع فرفع، فتبين أن الإمام لم يرفع، أو رفع بعض المأمومين فظنوه الإمام فتبعوه. قال: ثم يرجعون إلى الركوع، فيتبعون المستخلف. قال: ولو لم يستخلف عليهم أحداً واجتزووا بهما الرفع أجزأهم. انتهى.