لم يجد ما يقرب منه صلى مكانه، ودرأ من يمر ما استطاع، وكالمرور مناولة الشيء بين يديه. قاله في المدونة. وكذلك كره مالك من رواية ابن القاسم في المجموعة لمن على يمينه أن يجذب من على يساره، ولا يجعل السترة أمام وجهه بل إما على يمينه أو يساره ويدنو منها.
وقوله:(إِنْ خَشِيَ مُرُوراً) هو المشهور. والقول الثاني لابن حبيب، ومنشأ الخلاف: هل شرعت السترة حذاراً من مرور مار يشتغل به، أو حريماً للصلاة حتى يقف عندها نظره.
يأثم لحديث:"لو يعلم المار". وصح أنه عليه الصلاة والسلام أمر بدفع من يمر بين يدي المصلي، وقال:"إن أَبَى فليقاتله، فإنما هو شيطان". واختلف في معنى المقاتلة، فقيل: المراد بها أوائلها. وقيل: الدفع بعنف ما لم يؤدِّ إلى العمل الكثير في الصلاة. وقيل: معناها اللعنة كقوله تعالى: {قَاتَلَهُمْ اللَّهُ}[التوبة: ٣٠]؛ أي: لعنهم الله. الباجي والمازري: ويحتمل أن يريد: فليؤاخذه على ذلك بعد تمام الصلاة وليوبخه على فعله. قالا: ويعدل عن ظاهر المقاتلة بإجماع، والمذهب أنه يدفعه دفعاً خفيفاً لا يشغله عن الصلاة. قال أشهب: إذا مر بين يديه شيء بعيد منه رده بالإشارة ولا يمشي إليه، فإن فعل وإلا تركه، وإن قرب منه فلم يفعل فلا ينازعه؛ فإن ذلك والمشي أشد من مره، فإن مشى إليه أو نازعه لم تفسد صلاته. وهذا بخلاف ما قاله ابن العربي أنه ليس للمصلي حريم إلا ثلاثة أذرع.
وقوله:(وَيَاثَمُ الْمَارُّوَلَهُ مَنْدُوحَةً) أي: أمكنه ألا يمر بين يديه. وظاهر كلامه أنه إذا لم يجد مندوحة يسقط عنه الإثم، كأن يمكنه الصبر أو لا، وهذا القول حكاه المازري عن بعض المتأخرين. قال: وقال بعضهم: إن لم يكن للمار مندوحة عن المسير بين يديه، وكان صبره إلى أن يفرغ المصلي يشق عليه لم يكن على المار إثم.
قوله:(وَالْمُصَلَّي إِنْ تَعَرَّضَ) أي: يأثم بشرط التعرض. (فَتَجِيءُ أَرْبَعُ صُوَرٍ) يعني: لأن معك مارّاً ومصلياً، ولكل واحد منهما صورتان، ولا خفاء في تصورهما. فإن قلت: