كون المصلي يأثم منافٍ لما قدمت أن السترة مندوب إليها؛ إذ لا يأثم إلا بترك واجب. قيل: ما يتعلق به الإثم غير ما هو مندوب؛ إذ الندب متعلق بفعل السترة، والإثم متعلق بتعرضه، وهما متغايران، والله أعلم.
لما في البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي:"البُصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها". وفي رواية:"النُّخامة في المسجد" وفي رواية: التَّفل". وظاهر قوله:(إِلا أَنْ يَكُونَ مُحَصَّباً) الجواز. ومقتضى الحديث أنه لا يفعل؛ لأنه جعله خطيئة وجعل الدفن كفارة، ولا ينبغي لأحد أن يخطئ فيكفر.
قوله:(أَوْ تَحْتَ حَصيرٍ) لعله محمول على البصقة الواحدة، وأما لو كثر لم يجز لما في ذلك من الاستقذار، وجمع الدواب، وتقطع الحصير قريباً لا سيما إن كان ثمنها من الوقف. قال في المدونة: ولا بأس أن يبصق عن يمينه أو يساره أو أمامه. قال في التنبيهات: ليس هو على التخيير، وإنما هو كله عند الاضطرار لأحد هذه الوجوه، وإلا فترتيبها أولاً عن يساره أو تحت قدمه؛ لما جاء في الحديث الصحيح، إلا أن يكون عن يساره أحد ولا يتأتى له تحت قدمه فحينئذٍ يتفل إلى جهة يمينه لتنزيه اليمنى وجهتها عن الأقذار. ثم أمامه إن لم يكن ذلك إ لا هنالك لتنزيه القبلة عن ذلك إلا لضرورة، ثم يدفنه. قال: وتأوله بعض شيوخنا على ظاهره من التخيير، ونحوه لابن نافع. وما قدمناه أصح إن شاء الله، وأقرب لمعنى حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم: "لا يتنخم قِيَل وجهه ولا عن يمينه ولا عن يساره ولكن تحت قدمه اليسرى". انتهى.
وأما البصاق في النعل فقد سُئل عنه مالك فقال: إن كان يصل إلى حصير يتنخم تحتها فإني أستقبحه، ولا أرى لأحد أن يتنخم في نعله، وإن كان لا يصل إلى حصير يتنخم تحتها فلا أرى بالتنخم فيه بأساً. قاله في العتيبة.