وأما العلم [٨٥/ب] بالمرور فيقطع السفر، ويغير حكمه قبل الوصول، فإن لم تكن نيته المرور بوطنه فلا يقطع قصره إلا مروره بالوطن، أو ما في حكمه. ومن علم بالمرور بالوطن نظر ما بين مبدأ سفره ووطنه، فإن كان أربعة بُرُد فأكثر قصر، وإلا أتم.
واعترض كلام المصنف بأن نية الإقامة في تلك المدة مؤثرة في القصر مطلقاً، والمرور بالوطن إنما يمنع إذا لم يكن في المسافة التي قبله والتي بعده مسافة القصر، وأما إذا كان ذلك فلا يضره المرور بوطنه إلا أنه يتم إذا دخله حتى يبرز عنه، ولو كان فيما قبله مسافة القصر دون ما بعده قصر قبله لا بعده، وبالعكس فتجيء أربع صور نص عليها في المقدمات وبأن ظاهره أن مطلق المرور بالوطن مانع من القصر، وليس كذلك، وإنما يمنع بشرط دخوله أو نية دخوله لا إن اجتاز فقط. أشار إلى هذا صاحب المقدمات وغيره، قال: وإن نوى من ليس قبل وطنه مسافة القصر ولا بعده دخول قريته، فلما سار بعض الطريق انصرفت نيته عن ذلك فنوى ألا يدخلها نظر إلى ما بقي من سفره؛ فإن كان ما تقصر فيه الصلاة قصر وإلا فلا، وإن نوى عدم دخولها فقصر، فلما سار بعض الطريق انصرفت نيته عن ذلك فنوى دخولها، فقال سحنون: يتمادى على القصر حتى يدخلها. ووجهه أن بدء القصر قد وجب عليه فلا ينتقل عنه إلى الإتمام إلا بنية المقام أو بحلول موضعه.
وقال غيره: يتم بمنزلة ما لو نوى دخولها من أول سفره؛ إذ ليس فيما بينه وبينها أربعة برد. انتهى بمعناه.
وقد يجاب عن الأول بأنه إذا سلَّم أنه إذا دخل الوطن يتم فهو المراد، وليس مراد المصنف غيره، ويصدق عليه حينئذٍ أنه كنية الإقامة في قطعة القصر. وعن الثاني بأن المراد بالمرور بالوطن الدخول فيه.
وقوله:(وَإِلا قَصَرَ أَبَداً) ولو في منتهى سفره؛ أي: فإن لم يمر بوطنه ولم يعلم بالإقامة قصر أبداً ولو في آخر سفره، كما لو سافر إلى الإسكندرية ودخلها ولم ينو بها إقامة أربعة أيام فإنه يقصر بها.