قال في النكت: قال بعض شيوخنا: لا يجمع المسافر في البحر؛ لأنا إنما نبيح للمسافر في البر الجمع من أجل جد السير، وخوف فوات أمر، وهذا غير موجود في المسافر بالريح في البحر.
قال الباجي: ونحوه لابن شاس. وحد الإسراع الذي يجوز معه الجمع هو مبادرة ما يخاف فواته أو إسراع إلى ما يهم، قاله أشهب في المجموعة. وقال ابن حبيب: يجوز للمسافر الجمع إذا جدَّ في السير لقطع سفره خاصة لا لغير ذلك، وبه قال ابن الماجشون وأصبغ. انتهى.
خليل: والأولى مذهب المدونة لقوله فيها: ولا يجمع المسافر إلا أن يجدَّ به السير، ويخاف فوات أمر فيجمع. وعلى هذا فما قدمه المصنف فهو قول ابن حبيب. ونقل في البيان عن ابن حبيب إجازة الجمع وإن لم يجدَّ به السير. وذكر في المقدمات أن المشهور إجازة الجمع مطلقاً، ولفظه: يجمع بين الظهر والعصر في أول وقت الظهر للمسافر يرتحل من المنهل بالسنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقياساً على الجمع بعرفة، هذا هو المشهور في المذهب. وقد قيل: إنه لا يجمع إلا أن يجدَّ به السير. وقيل: إنه لا يجمع وإن جدَّ به السير. انتهى. وقال في النكت عن بعض شيوخه أنه أرخص في الجمع للمرأة وإن لم يجدَّ بها السير.
يعني: إذا أبحنا الجمع فللمسافر حالتان: تارة يرتحل بعد الزوال، وتارة قبله. فالأولى له ثلاثة أحوال: فالأولى إما أن ينوي أن ينزل بعد الاصفرار، أو قبله، أو عند الاصفرار.