فإن نوى بعد الاصفرار جمعهما مكانه، فتقع الظهر في وقتها المختار، والعصر في وقتها الضروري. قاله المازري، وهذا هو المشهور. وقيل: بل يؤخر العصر؛ لأنه معذور بالسفر، وأصحاب الضرورة لا إثم عليهم في التأخير إلى وقت الضرورة؛ وهو مذهب ابن مسلمة، ورأى أن تأخيرها أخف من تقديمها.
وإن نوى قبل الاصفرار آخر العصر لتمكنه من إيقاع كل صلاة في وقتها، وإن نوى الاصفرار فقال اللخمي: جاز ألا يجمع ويصلي الظهر وحدها. وإلى هذا -والله أعلم- أشار بقوله:(قَالُوا: مُخَيَّرٌ) أي: فإن شاء جمعهما في المنهل وإن شاء أخر العصر فقط، لكن على هذا في قوله:(قَالُوا) نظر؛ لأن ذلك يوهم تواطؤ جماعة على ذلك، وهذا إنما هو معلوم للخمي، ولهذا قال في الجواهر: أشار بعض المتأخرين إلى تخييره؛ فإن شاء جمع بينهما في المنهل، وإن شاء جمع بينهما بعد الاصفرار. وزاد: لأن في كلتا الحالتين إخراج إحدى الصلاتين عن وقتها. انتهى. فلم ينسبه إلا لبعض المتأخرين، لكن في كلامه نظر؛ لأن قوله: وإن شاء جمع بينهما بعد الاصفرار. لم ينقله اللخمي، ولا وجه لتأخير الظهر في هذا الفرض، ويلزم من تأخيره إخراج كل صلاة عن وقتها المختار، وهكذا قال ابن عبد السلام. ويقوي هذا الإشكال بأن اللخمي وابن شاس إنما فرضا هذه المسألة على أنه ينزل بعد الاصفرار بما نقله، وهذا هو الموجب الذي أراد المصنف بقوله:(قَالُوا).
هذه الحالة الثانية؛ وهي أن تزول عليه الشمس وهو راكب، ثم له ثلاثة أحوال، وتصور كلامه لا يخفي عليك. وفي قوله هنا:(قَالُوا) فيه مثل ما تقدم؛ لأن هذا إنما نقله اللخمي وصاحب الجواهر عن ابن مسلمة، وهو مشكل لا سيما على ما فرض اللخمي