وكذلك العبد إذ أذن له سيده، والصبي يستحب له الحضور، وهل يستحب للمسافر حضورها؟ قال بعضهم: لم أجد فيه نصاً. وينبغي أن يفصل، فإن كان لا مضرة عليه في الحضور ولا يشغله عن حوائجه فيستحب الحضور، وإلا فهو مخير. وكل من حضرها ممن لا تجب عليه نابت له عن ظهره، ولا نعلم في ذلك خلافاً إلا في المسافر، فلابن الماجشون في الثمانية: لا تجزئه ولو كان مأموماً. قال: ولو كانت صلاته ركعتين لأنه صلاها بنية الجمعة. وذكر في حد القرب ثلاثة أقوال: المشهور: ثلاثة أميال. وقيل: ستة. وقيل: بريد.
ابن راشد: ولم أقف على هذين القولين بعد البحث عنهما. انتهى. وإنما حكاهما الباجي والمازري فيمن كان بقرية قريبة. وإن ابن حبيب قال: لا يتخذ بها جامع حتى تكون على مسافة بريد فأكثر. وقال يحيى بن عمر: لا يجمعوا حتى يكونوا على ستة أميال. وقال زيد بن بشير: يتخذون جامعاً إن كانوا على أكثر من فرسخ. الباجي: وهو الصحيح عندي؛ لأن كل موضع لا يلزمهم الجمعة، وكملت فيهم الشروط لزمتهم إقامتها. وكذلك قال ابن هارون أن الخلاف الذي ذكره المصنف إنما هو فيمن ذكرناه لا فيما ذكره المصنف. ولعل المصنف بنى على أحد القولين في أن لازم القول قول؛ لأنه يلزم من الخلاف الذي ذكرناه الخلاف الذي ذكره، والله أعلم. وقوله:(وهُوَ الْمِقْدَارُ الَّذِي يَبْلُغُهُ الصَّوْتُ الرَّفِيعُ) أي: إذا كانت الأرياح ساكنة، والأصوات هادئة، والمؤذن صيت. وفي مسلم: أن رجلاً أعمى قال: يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد. وسأله أن يرخص له في الصلاة في بيته، فرخص له. فلما ولى الرجل قال:"أتسمع النداء؟ " قال: نعم. قال:"أجب". وفي أبي داود أنه عليه الصلاة والسلامة قال:"الجمعة على من يسمع النداء". وليس المراد من الحديثين أن الوجوب متعلق بنفس السماع، وإلا لسقطت على الأصح، ومن هو في مكان منخفض، وإنما هو متعلق بمحل السماع، والله أعلم. وقوله: