مقابلان للمشهور. وبعدم السجود في المفصل قال ابن عمر وابن عباس، وابن المسيب، وغيرهم. وفي أبي داود عن ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة. وفي حديث زيد بن ثابت قال: قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم النجم ولم يسجد.
اللخمي وغيره: والاعتراض بهذين الحديثين لا يصح. أما حديث ابن عباس فقد لا يثبت لأنه لم يشهد جميع إقامته صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وإنما كان قدومه سنة ثمان بعد الفتح، ومعارض بحديث أبي هريرة وانه سجد في الانشقاق، والأخذ به أولى لأنه أسلم عام خيبر بعد الهجرة، ولصحة سنده، ولأن من أثبت أولى ممن نفي. والنسخ لا يصح إلا بأمر لا شك فيه مع تأخير الناسخ، ولو ثبت التأخير لأمكن أن يكون ذلك في غير وقت صلاة، أو لكون القارئ لم يسجد. وقال صاحب التهذيب: حديث ابن عباس عندي حديث منكر، يرده حديث أبي هريرة، ولم يصحبه أبو هريرة إلا بالمدينة. اللخمي: وإثبات ثانية الحج ليس بحسن؛ لأن المفهوم: والمراد بها الركوع والسجود. قال: وإثبات الثلاث التي في المفصل أحسن لحديث أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ} خرجه البخاري ومسلم. وزاد مسلم عنه أنه قال: "في {اقْرَا بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}. سجدت فيها خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم، فلا أزال أسجدها حتى ألقاه. وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه سجد بمكة في النجم. انتهى بمعناه.
وأمر عمر بن عبد العزيز بالسجود في الانشقاق. قال مالك: وليس العمل عليه. ونقل عن الأبهري أنه خير في السجود في المفصل. قال اللخمي: ولمالك في المبسوط نحوه.
وقوله:(الأَعْرَافُ) إلى آخره، اكتفى رحمه الله في ذكر السجدة الواحدة التي لا خلاف فيها بذكر السورة، وإن كان في المحل إشكال أو خلاف مذهبي أو خارجي ذكره. فالأولى: كـ: {يُؤْمَرُونَ} لأن ظاهر الأمر عند من لا يعرف طلب السجود عند {يَسْتَكْبِرُونَ} لكنهم راعوا- والله أعلم- إتمام الكلام لأن {يَخَافُونَ} حال من {يَسْتَكْبِرُونَ}.