والثاني: كصاد وفصلت فإن فيهما خلافاً مذهبياً، وكالنمل فإن الشافعي رأي أن السجدة عند {وَمَا يُعْلِنُونَ}، وروى أهل المذهب أن قوله:{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} كالمتمم لقوله: {لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ}، وكان الكلام تاماً بتأخره، فإن قيل: لِمَ لَمْ يَعتبروا آخر الكلام في صاد كما في النحل والنمل، فإن المشهور على ما قاله المصنف أن سجودها أولاً. قيل: لأن قوله: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ} كالجزاء على السجود، فكان بعد السجود فوجب تقديم السجود عليه، وكذلك فصلت لأن قوله:{وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي}، إلى قوله:{تَعْبُدُونَ}، طلب للسجود. وقوله بعد ذلك:{فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا} إلى آخره؛ ذم لمن لم يسجد استكباراً، وإنما يكون ذماً إذا مضى محل السجود. وما قدمه المصنف في صاد ذكر صاحب اللباب، وصاحب الذخيرة أنه المذهب. وهو الذي يؤخذ من الرسالة لتصديره به، وعطفه عليه بقيل. والقول بأن السجود عند {لاَ يَسْئَمُونَ}، لابن وهب، وحماد- وهو أخو القاضي إسماعيل- قاله المازري. وإلى طريقة من حمل الرواية على الوفاق ذهب عبد الوهاب، وجمهور الأصحاب على حملها على الخلاف.
أي: إنما يسجد من قصد الاستماع لا السامع. ابن عبد السلام: وهذه التفرقة مروية في الصحيح عن سلمان، وعثمان، وغيرهما. وقوله:(إِنْ كَانَ الْقَارِئُ صَالِحاً لِلإِمَامَةِ) أي: يكون ذكراً بالغاً متوضئاً، فإن كان القارئ امرأة أو غير بالغ لم يسجد بقراءته. وعلى القول بإجازة [١٠٢/ب] إمامة الصبي في النافلة، ينبغي أن يسجد.
واختلف إذا كان على غير وضوء أو كان ولم يسجد، وإليه أشار بقوله:(فَإِنْ تَرَكَهُ الْقَارِئُ فَفِي الْمُسْتَمِعِ قَوْلانِ) والمشهور الأمر لأن كباَ منهما مأمور، فليس ترك القارئ بالذي يسقطه عن المستمع. وقال ابن حبيب: لا يسجد. وصوبه ابن يونس وغيره، لقوله