عليه الصلاة والسلام لقارئ لم يسجد:"كنت إماماً، فلو سجدت لسجدنا"، وقال بعض الشافعية: إنما تركه صلى الله عليه وسلم لينبه القارئ على أنه أخطأ بتركه، وأنه هو كان المأمور به أولاً، وهو غير واجب على المستمع فلا يبعد تركه لقصد البيان، وفي المسألة قول ثالث بالتخيير لأشهب. ونقل عياض: إذا جلس ليسمع الناس حسن قراءته، وفعل هذا المكروه وسجد أو لم يسجد، خلاف في سجود مستمعه.
اللخمي: وأرى أن يسجد لأن الظاهر أنه في طاعة، والسرائر إلى الله تعالى. ونص مالك أنه لا يجلس إليه قال: وإن جلس إليه، وعلم أنه يريد قراءة سجدة، فليقم عنه. وقسم في البيان الجلوس إلى القارئ على ثلاثة أقسام:
أحدها: أنه يجلس إليه للتعليم، فهذا جائز أن يجلس إليه ويسجد لسجوده، واختلف إذا لم يسجد القارئ، هل يسجد السامع؟ فذكر القولين، قال: واختلف في المقرئ الذي يقرأ القرآن، فقيل: إنه يسجد لسجود القارئ إذا كان بالغاً في أول ما يمر بسجدة، وليس عليه السجود فيما بعد ذلك. وقيل: ليس عليه السجود بحال.
والثاني: أن يجلسوا إليه ليسمعوا قراءته ابتغاء الثواب من الله تعالى في استماع القرآن، فهذا جائز أن يجلسوا إليه، ويختلف هل يسجدون بسجوده إذا مر بسجدة؟ ففي العتبية: لا يسجدون، وقال ابن حبيب: يسجدون غلا أن يكون ممن لا يصح أن يؤتم به من صبي أو امرأة. والذي في المدونة محتمل للتأويل، والأظهر منها أنهم لا يسجدون بسجوده.
والثالث: أن يجلسوا إليه لأن يسجدوا بسجوده، فهذا يكره أن يجلسوا إليه، وأن يسجدوا بسجوده؛ وهو نص المدونة، ومعنى العتبية، وزاد فيها ونهى عن ذلك. انتهى بمعناه. قال في المدونة: ويقام الذي يقعد في المساجد يوم الخميس وغيره لقراءة القرآن. وما ذكره من تقسيم المسألة على ثلاثة أقسام، خالف في ذلك طريق الأكثر فإنهم قالوا: متى لم يجلس للتعليم فلا يسجد، سجد القارئ أم لا. ولم يفرقوا بين أن يقصد الثواب أم