قال ابن بشير: القولان حكامهما اللخمي. وأخذ الكراهة من إطلاقه في المدونة، والجواز في غيرها، قال: والظاهر أن القصد للتمييز غير مكروه، وإنما كره في المدونة البناء الذي لا تقصد به العلامة. وإلا فكيف يكره ما قصد به معرفة قبر وليه؟! ولم يصرح ابن بشير بتحريم القسم الأول، بل قال: والظاهر أنه محرم مع هذا القصد.
ووقع لمحمد بن عبد الحكم فيمن أوصى أن يبنى على قبره بيتاً، أنه تبطل وصيته. وقال: لا تجوز وصيته وأكرهه. وظاهر هذا التحريم، وإلا لو كان مكروهاً لنفذت وصيته، وأجاز علماؤنا ركز حجر أو خشبة عند رأس الميت ما لم يكن منقوشاً. المازري: لأنه صلى الله عليه وسلم وضع بيده الكريمة حجراً عند رأس عثمان بن مظعون. وقال:"أعرف بها قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي". وكره ابن القاسم أن تجعل على القبر بلاطة ويكتب فيها. وأما تحويز موضع الدفن بناءً فقالوا: جائز ما لم يرفع فيه إلى قدر يأوي إليه بسبب ذلك أهل الفساد، وإن فعل ذلك أزيل منه ما يستر أهل الفساد ويترك باقيه كذا نقل ابن عبد السلام. وفي التنبيهات: اختلف في بناء البيوت عليها، إذا كانت في أرض غير محبسة، وفي المواضع المباحة، وفي ملك الإنسان فأباح ذلك ابن القصار، وقال غيره: ظاهر المذهب خلافه. انتهى.
وأما الموقوف كالقرافة التي بمصر فلا يحل فيها البناء مطلقاً، ويجب على ولي الأمر أن يأمرهم بهدمها حتى يصير طولها عرضاً، وسماؤها أرضاً.