يعني: إن كانت الأرض حبساً للدفن فحفر فيها رجل قبراً، وجاء آخر فدفن فيه، فإنه لا يخرجه ولا إشكال، واختلف فيما يجب عليه على أربعة أقوال: الأول: أن عليهم قيمة الحفر. والثاني: أن عليهم حفر قبر آخر مثله. والثالث: أن عليهم ما يختاره أهل الميت منهما. وإليه أشار بقوله:(وثَالِثُهَا: يَجِبُ عَلَيْهِمْ مَا يَخْتَارُونَهُ مِنْ حَفْرِ أَوْ قِيمَةِ حَفْرٍ) ففهم منه أن الأول وجوب القيمة، والثاني وجوب الحفر، والثالث أن عليهم ما يختاره أهل القبر. والقول بقيمة الحفر لابن اللباد، والقول بأنعليهم حفر قبر آخر مثله لسحنون، والقول بالأقل للقابسي، والقول بالأكثر للخمي قال: والقياس أن يكون عليه الأكثر. قال ابن بشير: وأصل المذهب القيمة.
خليل: انظر هل يجوز ذلك ابتداء أو لا؟ والأقرب عدم جوازه؛ لأنه لا يدري هل يموت هنالك أو لا؟ وقد يموت بغيره، ويحسب غيره أن في هذا القبر أحداً فيكون غاصباً ذلك، وقد ورد أن من غصب شبراً من أرض طوقه سبع أرضين.
وإِذَا دُفِنَ مَيِّتٌ فَمَوْضِعُهُ حَبْسٌ
يعني: إذا دفن في مكان غير مغصوب فموضعه حبسٌ عليه، لا يجوز نقله عنه، ولا أن يتصرف فيه ولا يباع.
ابن عبد السلام: ووقع في كتب أهل المذهب عن بعضهم أنه يجوز حرث البقيع بعد عشرة أعوام. ورفع أيضاً لبعضهم أنه إذا حرثت المقابر أخذ كرائها ممن حرثها وصرف في جهاز الموتى.