للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكمُ الطعامِ فلا يُتَطَهَّرُ به، ويَنْضَافُ به ما غَيَّرَ مِنْ سائرِ المياه. والثالثُ: أن جمودَه إنْ كان بعنايةٍ وصنعةٍ- أَثَّرَ، وإِلَّا فلا.

وَالْمُسَخَّنُ بِالنَّارِ وَالْمُشَمَّسُ كَغَيْرِه

فلا كراهة فيه، وفيه تنبيهٌ على خلافِ الشافعيةِ [٢/أ]، فإِنَّهم يَكرهون المُسَخَّنَ في الشمسِ لِلطِّبِّ، واقتصرَ عياضٌ- في بعضِ كُتُبِه- وسندٌ في المشمس على الكراهةِ.

الثَّانِي: مَا خُولِطَ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ، فَالْكَثِيرُ طَهُورٌ بِاتِّفَاقٍ، وَالْقَلِيلُ بِطَاهِرٍ مِثْلُهُ. وَوَقَعَ لابْنِ الْقَابِسِيِّ: غَيْرُ طَهُورٍ ...

إن كان مرادُه بالكثيرِ ما اتفقتِ الأُمَّةُ على كثرتِه- فصحيحٌ، وإِنْ كان مرادُه ما هو كثيرٌ عندَ قومٍ دونَ قومٍ- فلا يَصِحُّ؛ لأن ابنَ رشدٍ قال في البيان في الماء إذا لم يُغَيِّرْهُ مخالِطٌ: إنه طَهورٌ، إلا على روايةِ ابنِ نافعٍ عن مالكٍ، وهي كمذهبِ أبي حَنِيفَةَ.

وأُجيبَ بأنَّ المصنفَ إِنَّما ذَكَرَ الاتفاقَ في الكثيرِ، ومالكٌ في روايةِ ابنِ نافعٍ هذه لا يَرى هذا الماء كثيراً، وأُورِدَ على المصنِّفِ أنَّ ما خُولِطَ ولم يتغير مُطْلَقٌ، لا سيما الكثير، فلا يكون هذا القسمُ قَسيماً للمطْلَقِ، وتفسيرُنا أوَّلاً المطلَقَ يَدْفَعُ هذا، لكن على هذا كان ينبغي أن يذكر هذا في القسم الأول، ويجعلَه مما أُلحق بالمطلقِ.

والعبارةُ التي حكاها عن القابسيّ حكاها الباجيّ وابنُ شاسٍ، وحكى ابنُ بَشيرٍ وغيرُه كراهتَه خاصَّةً، وأشار صاحبُ النُّكَتِ إلى أنه خَرَّجَه على قولِ مَن رَأَى أَنَّ الماءَ القليلَ إذا وقعتْ فيه نجاسةٌ ولم تُغَيِّرْهُ- أنه غيرُ طَهورٍ.

ابنُ عبدِ السلامِ: وإنْ كان هذا هو الصحيح فقد يُقال: لا يَلْزَمُ مِن تنجيسِ الماءِ اليسيرِ عدمُ طهوريةِ الماءِ بما أُضيف إليه؛ لأ، مُسْتَنَدَ مَن حَكَمَ بالنجاسةِ قولُه صلى الله عليه وسلم: "إِذا بَلَغَ الماءُ قُلًّتَيْنِ لم يَحْمِلْ خَبَثاً".

<<  <  ج: ص:  >  >>