عدم الزكاة من باب أولى، وهو كذلك إذا كان دون النصاب. واختلف إذا كانت نصاباً، فقال ابن القاسم: يزكي عينها ويجعل دينه فيها، وهو المشهور. وقيل: لا يجعل دينه فيها؛ لتعلق الزكاة بعينها. فإن قيل: كلامه قاصر؛ لأن كلامه لا يتناول الماشية، إذ هي حولية وهي مساوية لما ذكر في جعل الدين فيها. قيل: الجواب: المراد بالحول ما كان مرور الحول مع الملك التام كافياً في وجوب الزكاة فيه، والماشية وإن كان فيه الحول إلا أنه لا بد مع ذلك من قدوم الساعي، فصار مرور الحول غير كافٍ، فيدخل بهذا الاعتبار في غير الحولي، ولا يقال هذا غير تام؛ لأن هذا إنما يأتي إذا كان ثَم سعاة، وأما إذا عدموا فلا؛ لأنا نقول هذا الكلام خرج مخرج الغالب، فإن الغالب السعاة.
وَالْمَعْدِنُ اتَّفَاقاً
(الْمَعْدِنُ) مرفوع بالابتداء، والخبر محذوف؛ أي: المعدن يجعل فيه الدين اتفاقاً، فهو من باب عطف الجمل، ولا يختلف فيه كما اختلف فيما قبله، وكذلك صرح ابن بشير وابن رشد بأنه غير مختلف فيه. وعلى هذا فقول ابن عبد السلام: وبقي في كلام المصنف إشكال من جهة أنه عطف المعدن على العرض الذي شبه به غير الحولي، والمعدن غير حولي. فيكون تشبيه الشيء بنفسه ليس بشيء، ولعله لم يثبت في نسخته اتفاقاً، وهي ثابتة في النسخ. ومراده بـ (المعدن): معدن العين، وإلا فغير العين عرض.
يعني: أنه اختلف في المكاتب بالعرض؛ أي: فيجعل الدين فيه على المشهور. وعلى الجعل، فقال ابن القاسم: يجعل الدين في قيمة كتابته إن كانت بعرض قومت بالعين، وإن كانت بالعين قومت بعرض ثم قوم بالعين. وقال أشهب: في قيمته مكاتباً. وقال أصبغ: في قيمته عبداً.